رواية اسطورة الملك الاسود - البارت 7
اسطورة الملك الاسود 7
2025, سما أحمد
فانتازيا
مجانا
في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.
تيريزا
أقوى ساحرة على وجه الأرض، تمتلك عيونًا أرجوانية وسحرًا غامضًا، تحذر الملوك من الخطر القادم.أسكاي
الهجين الأسطوري، يجمع بين قوة الذئاب والتنانين ومصاصي الدماء، وقد يصبح حاكمًا لا يقهر.ملوك الممالك الأربع
حكام الممالك المتحالفة، يجتمعون لمناقشة معاهدة ستحدد مصير العالم، لكنهم يواجهون تحذيرًا قاتمًا من تيريزا.
قبل 1500عام في قاعة ضخمة، اجتمع ملوك الممالك الأربعة حول طاولة كبيرة، وجلس كل واحد منهم على مقعده، يحيطهم هدوء مشوب بالترقب. كانت الأجواء ثقيلة، كما لو أن المعاهدة التي كانوا يناقشونها ليست مجرد اتفاق، بل مصير العالم بأسره. كانت كلماتهم تتبادل في صمت، كل واحد منهم يعرف أنه يتخذ قرارات ستحدد ملامح المستقبل. وفجأة، دخلت تيريزا. كان جسدها الرشيق يتنقل بين الحاضرين كأنها كائن من عالم آخر. شعرها الطويل يتمايل مع كل خطوة، وعينها الارجوانية التي تحمل سحراً غامضاً، جعلت الجميع يصمتون على الفور. كانت ترتدي فستاناً من حرير أرجواني لامع، يظهر عليه نعومة وفخامة لا توصف. توقفت في منتصف القاعة، وقفت أمام الملوك الذين التفتوا جميعاً نحوها. نظرت إليهم بعيون لا تعرف إلا الثقة والقوة، ثم تكلمت بصوت حاد ومؤثر: "عن ماذا تتحدثون هنا؟ هل تظنون أن هذه المعاهدة ستكون نهاية للمشاكل؟ أنتم لا تعلمون كم هي خطيرة! لو تم تفعيلها، لن تعودوا كما كنتم. قد تكون بداية النهاية للعالم كله." صمتت للحظة، وأكملت بنبرة أشد حدة: "لكن، هناك شيء أسوأ، شيء لا تتخيلونه. هذه المعاهدة ستولد شيئاً أكبر، لا تستطيعون التحكم فيه. ابنكم... حفيدكم... الملك الأسود أسكاى، سيكون هو السبب في دماركم جميعاً." ثم توقفت، كل عين في القاعة الآن مركزة على كلامها، وكأن كل كلمة خرجت من فمها ثقيلة كالحديد. كان الأثر الذي تركته كلماتها في الجو ملموسًا. قال ملك زجلان، مبتسمًا بتحدٍ، وكأنه لم يشعر بتهديد في كلامها: "من يقدر أن يدمرنا؟ من يستطيع الوقوف أمامنا؟ إذا استمر هذا، فالحرب ستكون السبب في تدمير العالم، وأنتِ تعلمين ذلك جيداً." لكن تيريزا لم تلتفت إلى غروره، بل كانت عيونها تنبع من الغضب وكأنها تتحرق من الداخل، ثم ردت بصوت مليء بالاحتقان: "إنه حفيدك! إنه حفيدكم... أسكاى، الملك الأسود! هذا الهجين اللعين هو السبب في كل هذا. وإذا استمر الأمر على هذا النحو، فإنكم جميعًا ستدمرون نسل العائلة بأكملها." وتوقفت عن الكلام، كانت كلماتها كالضربة القوية التي جعلت الأجواء مشحونة بالتوتر والدهشة. قال ألفريد، والاستغراب يملأ وجهه: "كيف عرفتِ أننا نناقش معاهدة؟ لا أحد يعلم بذلك سوانا نحن الأربعة." نظرت تيريزا إليه بنظرة ثابتة، حاولت أن تتمالك أعصابها، لكن الكلمات خرجت بحدة: "هل تعرف من أنا؟" ثم أضافت بحذر، ولكن بثقة: "أنا تيريزا، أنا أقوى ساحرة على وجه الأرض. أعرف كل شيء عنكم، حتى ما تحت ملابسكم... أعرف كل شيء." تحركت نظراتهم جميعًا في اتجاهات مختلفة، بينما كان إيثان يتطلع إليها بترقب، قائلاً: "إذاً، أخبرينا، ماذا سيحدث بالضبط؟" تنهدت تيريزا بعمق، وأخذت لحظة من الصمت قبل أن تجيب، وكأنها تزن كلماتها: "سوف تتزوجون أبناءكم لبعضهم البعض، صحيح؟" نظر الجميع إليها وبدأوا يجيبون بنعم في نفس اللحظة، وكأنهم اتفقوا جميعًا على هذا المصير. ابتسمت تيريزا ابتسامة غامضة، ثم اتجهت نحو الكرسي في المنتصف وجلست عليه. أشارَت لهم بالجلوس أيضًا. جلس جميع الملوك، لكن الحيرة كانت ظاهرة على وجوههم، وكأنهم لا يعرفون ما ينتظرهم. بدأت تيريزا في الحديث مجددًا، بينما وضعت قدمًا فوق الأخرى، ويدها متشابكة، ثم وضعتهما على قدمها. "أولاً، أنتم ستجعلون أبناءكم يتزوجون من بعضهم، وهذا سيؤدي إلى ولادة طفل... طفل سيجمع بين قوتكم جميعًا. هؤلاء الأطفال سيتعلقون ببعضهم بشدة، ومن تلك العلاقة سينتج طفل خارق، هجين بينكم أنتم الأربعة." ثم أكملت تيريزا، وصوتها صار أكثر حدة وقوة، كما لو كانت تحذرهم من مصير لا مفر منه: "يجب بكل قوة أن تمنعوا تلك العلاقة. يجب أن تضعوا حداً لها الآن، قبل أن يخرج الأمر عن سيطرتكم." صمتت للحظة، ثم تابعت، والنبرة في كلامها أشد، كما لو أن كلماتها ستحمل لعنة: "لكن إذا لم تمنعوا هذه العلاقة... ستكون النتيجة كارثية." ثم نظرت في عيونهم، كل واحد منهم وكأنها تراوده أفكاره الداخلية، قبل أن تكمل: "أولاً، ستدمرون أنتم جميعًا. نسل العائلة الملكية بأكملها سينقرض. وإذا تبقى نسل ضعيف، سيكون مجرد خادم له، يتبع الأوامر، ليس له إرادة." وواصلت كلامها بصوت ملؤه التهديد: "ثانيًا، لأن هناك من يظن أنه بإمكانهم حكم الممالك الأربع، ولكن الحقيقة أن ملك واحد فقط سيكون هو المالك للكل... هذا هو الملك الأسود. أسكاى." قال ليفان، وهو يحدق بها بتساؤل: "صفى شكله، لو سمحتِ." أخذت تيريزا نفسًا عميقًا، ثم عدلت من وضع جلستها، وراحت تنظر إليه بعينين مليئتين بالتركيز، ترفع حاجبها الأيسر وتحدق في عينيه كما لو أنها تبحث في أعماقه. "حسنًا، إليك هذا." ثم بدأ كلامها بصوت حازم، كأنها تشرح شيئًا مهمًا لا بد من فهمه جيدًا: "أولاً، هو بشري الشكل، ليس له وصف غريب. لكن إذا كنت تقصد وجهه، فهو وسيم... وسيم جدًا، لدرجة أنه يذهل من يراه." ثم نظرت بتمعن، كأنها تتذكر تفاصيل دقيقة، وتابعت: "أما إذا كان في هيئة ذئب... فهو أكبر بعشر مرات من الذئب العادي. فروه أسود، أسود جدًا، كأنه الليل نفسه." صمتت لحظة، ثم قالت بصوت صارم: "أما إذا كان في هيئة تنين، فهو ضخم للغاية، ضخم جدًا. جلده خشن، قاسي، أقوى وأكبر من أي تنين تعرفونه." ثم أضافت بحذر، وكأنها تذكر تفاصيل قد تكون أكثر خطرًا: "أما في هيئة مصاص دماء، فلم أره جيدًا، لكن عندما يغضب بشدة، تظهر أنيابه... وتكون مرعبة." تابعت تيريزا حديثها وهي تلاحظ تأثير كلماتها على وجوههم، ثم استمرت بلهجة تحمل تحذيرًا صارمًا: "إنه ليس مجرد مخلوق عادي. ليس مجرد شخص يمكن القضاء عليه بسهولة. قوته تتخطى حدود الخيال. إذا تمكن من السيطرة على هذه العلاقة بين الأجيال، سيكون ملكًا لا يقهر. لا يوجد من يستطيع الوقوف أمامه." ثم أضافت، وعيونها تلمع بشيء من الغموض: "أصله، نابع من مزيج من كل شيء. قوة الذئب، شراسة التنانين، وحكمة مصاصي الدماء. هذا الهجين، هو أقوى مما يمكن أن تتصوروا." صمتت للحظة، ثم قالت بصوت منخفض، يترنح بين التهديد والتحذير: "لكن من يجرؤ على الوقوف في وجهه؟ من يظن نفسه قادرًا على تدميره؟" النظرات كانت شديدة، مليئة بالحيرة والخوف. ملوك الممالك الأربعة شعروا بثقل الكلمات، لكنهم كانوا لا يزالون في حالة من الإنكار. "أنتم أمام خيار واحد فقط. إما أن تمنعوا هذا الهجين من الوجود، أو ستواجهون عواقب لا يمكنكم التنبؤ بها." نظرت لهم بنظرة حادة، ثم أضافت: "المعاهدة التي تظنون أنها ستحل كل شيء، ستكون السبب في دمركم جميعًا. تذكروا جيدًا، ملك واحد فقط سيحكم هذا العالم... الملك الأسود." استمر الجميع في الصمت، كما لو أن الكلمات قد سحبت منهم القدرة على التفكير. كان الغموض يحيط بهم، والجميع يعلم أن الخطر يقترب، ولكنهم كانوا مترددين في اتخاذ أي خطوة. نظرت تيريزا إلى كل ملك منهم، وعينيها تتنقل بين وجوههم، تراهم يواجهون المصير ذاته. ثم قالت بلهجة حادة: "قد تظنون أنكم تستطيعون التحكم في مصير هذا العالم، ولكن في النهاية، سيظل الملك الأسود هو من يحدد من يبقى ومن يزول." كانت نبرة صوتها مليئة بالقوة والتهديد، وجعلت الجميع يشعرون بثقل القرار الذي يواجهونه. ثم تابعت: "إذا لم تتعاونوا معًا لمنع هذه العلاقة بين أبنائكم، فسيكون الملك الأسود هو من سيقودكم جميعًا إلى الهلاك. ليس هناك مجال للخطأ، ولا وقت للتردد." ابتسمت ابتسامة باردة، وكأنها تعرف أن الطريق الذي يسلكه الملوك قد يؤدي بهم إلى نهايتهم. أضافت: "الآن، الخيار بين أيديكم. هل ستستمعون إليَّ وتمنعون تلك العلاقة؟ أم أنكم ستتركون الأمور تخرج عن سيطرتكم؟" ثم نهضت من مكانها، وأعطتهم نظرة أخيرة قبل أن تغادر الغرفة، وكان الجميع في حالة من الارتباك التام. قبل أن تغادر، قالت بصوت منخفض: "تذكروا، لا أحد يستطيع إيقاف ما سيحدث الآن. إلا إذا اتحدتم، ولكن هل أنتم مستعدون لدفع الثمن؟" تلك الكلمات كانت آخر ما سمعوه قبل أن تختفي من أمامهم، تاركة وراءها شعورًا ثقيلًا من الخوف والقلق. بينما غادرت تيريزا الغرفة، تركت وراءها جوًا مشحونًا بالقلق والترقب. ملوك الممالك الأربعة كانوا في حالة صمت مطبق، كل منهم يحاول استيعاب ما قالته الساحرة. يبدو أن الكلمات كانت ثقيلة جدًا عليهم، وكأنها ستترك أثرًا لا يمكن محوه. بعد دقائق من الصمت الثقيل، تحدث ملك زجلان أخيرًا بصوت منخفض: "هل نصدق ما قالته؟ هل فعلاً لدينا خيار؟" قال إيثان وهو يلوح بيده في الهواء: "لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا. هذا الهجين الذي تحدثت عنه... مستحيل! كيف يمكن أن يتجمع كل هذا في شخص واحد؟" لكن كان واضحًا أن شكوكهم لم تكن تقضي على الخوف الذي يملأ قلوبهم. نظر الجميع إلى بعضهم البعض، وكأنهم يبحثون عن إجابة واحدة، شيء يؤكد لهم أنهم في أمان. ثم قال ليفان، بنبرة حادة مليئة بالشك: "لكن كيف يمكننا إيقاف شيء لا نعرفه بالكامل؟ هي قالت إنه لا يوجد أحد يمكنه إيقافه، وحتى لو تجنبنا هذه العلاقة، هل سنكون فعلاً في مأمن؟" التفت الجميع إلى ملك الشمال، الذي كان صامتًا طوال الحوار. قال الملك ببعض التردد: "لا أستطيع أن أتجاهل ما قالته تيريزا. هناك شيء في كلامها يبدو حقيقيًا... كل شيء قد ينقلب رأسًا على عقب في لحظة، ولا أعتقد أننا مستعدون لذلك." فجأة، انفجرت الغرفة بحوار متسارع. كل منهم كان يطرح أسئلة بلا إجابة، لكن كان الجميع يعلم أن الوضع يزداد تعقيدًا. الحرب لم تكن تهدد العالم فقط، بل أصبح مستقبلهم جميعًا معلقًا على خيط رفيع. نظر ملك الجنوب إلى الجميع وقال بجدية: "إذن، ماذا نفعل الآن؟ هل نتخلى عن المعاهدة التي تم الاتفاق عليها؟ أم نسمح لأبنائنا بالزواج، مع العلم أن ذلك قد يدمرنا جميعًا؟" رفع ملك الغرب يده، وكان واضحًا في صوته أن القرار ليس سهلاً عليه: "الوقت ليس في صالحنا. إذا لم نتصرف سريعًا، سيخرج كل شيء عن نطاق السيطرة. ولكن كيف نتأكد من صحة ما قالته تيريزا؟" ارتفعت الحيرة في الأجواء، وكان كل منهم يحاول التفكير في الحل الأمثل، لكن لم يكن هناك إجابة واضحة. كل واحد منهم كان يواجه قلقًا داخليًا، فقد وصلوا إلى نقطة مفصلية، ومن هنا ستبدأ الحرب الحقيقية. نظرت تيريزا من بعيد من خلف باب الغرفة المفتوح جزئيًا، كانت تراقبهم بهدوء. ابتسمت في داخلها، فهي كانت تعرف أن كل خطوة سيأخذونها ستقودهم إلى المجهول. هي فقط ألقت بالكرة في ملعبهم، وكان الوقت الآن ليقرروا مصيرهم. لم يهتم الملوك بكلام تيريزا، وألقوا به خلف ظهورهم. قرروا أن تتم المعاهدة كما اتفقوا عليها، لكن قبل أن يُختتم الأمر، اتفقوا على أن يمنعوا أحفادهم من الوقوع في الحب، تحسبًا من أن يكون ما قالته تيريزا صحيحًا. لكن، رغم كل المحاولات، لم ينجحوا في تنفيذ هذه الخطة. مر 25 عامًا. كانت تيريزا تجلس على حافة الجبال، تنظر من خلال نافذة سحرية بواسطة بومتها الخاصة، تراقب ولادة الملك الأسود وتراقب كل شيء بدقة. كانت تراقب الوجوه، الخدم، الأطباء، وكل من كان حول الحدث. كانت تستمتع بمشاهدتها لما يحدث، وكأنها تشاهد عرضًا مسرحيًا. انتهت الولادة، وولد أسكاى. وقفت تيريزا، وابتسمت ابتسامة شريرة، ثم قالت بسخرية: "لا لا لا... كيف وُلِد؟ ألم أقل لكم أن نهايتكم قريبة جدًا؟" مع مرور السنوات بلغ أسكاي العاشرة من عمره، لكن إدراكه ونضجه كانا يفوقان سنه بكثير. اعتاد التجول في الغابة وحده، مستمتعًا بعزلته وسط الأشجار الشاهقة والظلال المتراقصة. بينما كان يسير بخطوات ثابتة، التقطت أذناه صوت صياح النسور. رفع رأسه على الفور، فرأى مجموعة منها تحلق في دائرة مغلقة، كأنها تنتظر موت فريسة ما. عقد حاجبيه بقلق، مدركًا أن هناك أمرًا غير طبيعي. دون تردد، انطلق يعدو بأقصى سرعته نحو الموقع. كان يعلم أن النسور لا تجتمع بهذه الطريقة إلا لسببين: إما أن هناك كائنًا يحتضر، أو أن خطرًا داهمًا يهدد أحدهم. تسارعت نبضاته، وأدرك أن سرعته البشرية لن توصله في الوقت المناسب، فسمح لغريزته الحقيقية بالسيطرة. في لحظة خاطفة، تغيرت ملامحه، واتسعت حدقتاه بلون فضي لامع، قبل أن يتمدد جسده، وتبرز أنيابه ومخالبه، متحولًا بالكامل إلى ذئب. بخفة وسرعة لا يمتلكها البشر، اندفع عبر الأشجار، قافزًا فوق الصخور والجذوع المتساقطة، حتى وصل إلى الساحة التي كانت النسور تحوم فوقها. توقف فجأة، عيناه الحادتان تمسحان المكان، وأنفه يلتقط رائحة الدم. وعيناه تلتقطان المشهد بسرعة. في وسط الساحة كانت هناك فتاة، ممدة على الأرض، مغطاة بالجروح والدماء. كانت شاحبة، ولا تكاد تستطيع الحركة. أسكاي نظر إليها بعناية، لكن ما لفت انتباهه أكثر من جمالها هو حجم الجرح الذي كانت تعاني منه، والدماء التي كانت تغطي المكان. لكن فجأة، شعر بشيء غريب. أصوات الرجال الذين يبحثون عنها اقتربت بسرعة. تباينت أصواتهم بين الغضب والتهديد. علم أسكاي أنه لا وقت للانتظار. عاد إلى هيئته البشرية بسرعة، واقترب بحذر من الفتاة. قبل أن يقترب منها، رأت الفتاة ما يفعله وأطلقت تعويذة سحرية نحوه، لكن السحر تلاشى في الهواء قبل أن يؤثر عليه. كانت الفتاة في حالة صدمة مما رأته. لم يهتم أسكاي بذلك، فركز على الجرح الكبير في جسدها. اقترب منها بسرعة، وحاول علاج الجرح، لكن صوت أحد الرجال صرخ من بعيد، مقاطعًا محاولته: "أيها الطفل! ابتعد عنها فورًا، هذه الفتاة ليست لعبة! سلّمها لنا حالًا!" نظر أسكاي إلى الرجال المحيطين به بنظرة مرعبة، مختلطة بالبرود والثقة. كان يبدو وكأنه لا يشعر بشيء من حوله بينما كان الرجال ينظرون إليه في حالة من الرعب، رغم أنهم حاولوا التظاهر بالجاهزية، ولكنهم كانوا يعلمون في أعماقهم أن نهايتهم قد حانت. في لحظة، تغيرت ملامح أسكاي، برقت عيناه بالأحمر الدموي القائم بينما ظهرت أنيابه الحادة. تحول كل شيء حوله إلى لون من الدماء، وكان الجو مشبعًا بنوع من الوحشية الغامضة. لم يكن هناك وقت للحديث. في ومضة خاطفة، انطلق أسكاي بسرعة البرق، وهجم على الرجال الخمسة، فصل رؤوسهم عن أجسادهم بيد واحدة، ودماؤهم ملأت المكان حوله. سقطت الجثث على الأرض، بينما أسكاي عاد إلى هيئته البشرية من جديد بهدوء عجيب. اقترب من الفتاة "تيريزا"، التي كانت لا تزال في حالة غيبوبة جزئية بسبب الألم. فحص أسكاي جرحها، ورأى أنها بحاجة إلى علاج سريع، لكن الجروح كانت عميقة جدًا. علم أنه لا يوجد وقت للبحث عن علاج خارجي، فقرر استخدام قوته الخاصة. رفع يده، وجرح نفسه برفق حتى بدأ الدم يتساقط منه. ثم قرب يده إلى جرح تيريزا، لدمائه أن تلامس الجرح. كان دم أسكاي يحتوي على قوة شفائية قوية، قادرة على إغلاق الجروح وتعزيز سرعة الجسم على التعافي بسرعةببطء، بدأ الجرح يلتئم الدماء التي كانت تغمر جسدها بدأت تختفي، وحركة قلبها عادت تدريجيا. نظر إليها أسكاي باهتمام، عينيه تلمعان بخطورة، وهو يدرك أن ما فعله لم يكن سوى بداية ما سيحدث بينهما. استفاقت تيريزا ببطء، غير مصدقة أنها على قيد الحياة. نظرت حولها، ثم التقت عيناها بأسكاي الذي كان جالسًا بهدوء، ينظر إليها بعينين باردتين. كانت تساؤلاتها تتناثر في ذهنها. قالت بصوت متقطع: "أنت... أسكاي؟" هز أسكاي رأسه بثبات، مؤكدًا لها. تفاجأت تيريزا مما قاله، وأجابته سريعًا: "لماذا أنقذتني، أسكاي؟" أجابها أسكاي بصوت بارد وجاف، ممزوج بتكبره المعتاد: "أنا أردت ذلك." حدقت فيه تيريزا لوهلة، ثم قالت: "إذن، أنت حقًا الملك الأسود؟ حسنًا، إذن أنت تعرف من أنا." رد أسكاي بنبرة جافة وقاطعة: "لا أريد أن أعرف، لا يهمني." نهض أسكاي من مكانه، كأنه على وشك المغادرة. لكن تيريزا لم تكن مستعدة لتركه يرحل دون جواب. وقفت بسرعة، حاصرة طريقه. "أسكاي، انتظر! دعنا نتعرف. أنا تيريزا، أقوى ساحرة على وجه الأرض." نظر إليها أسكاي بنظرة ساخرة، وقال: "صحيح، أنت قوية... من تلك التي كانت ستُقتل الآن." أحست تيريزا بألم في كلمات أسكاي، لكنها حاولت التماسك، وقالت: "لقد غدر بي. المهم، كيف يمكنني أن أرد لك الدين؟" أجابها بأسلوبه الجاف المعتاد: "بسيطة، لا ترديه. لا أحتاج دينك." تفاجأت تيريزا من رده، فصمتت للحظة، ثم قالت: "ماذا؟ كيف لا يجب أن أرد لك الدين؟ إذاً، ما رأيك أن أريك مستقبلك؟ وأقول لك ماذا سيحدث؟" رد عليها بأسلوب حازم: "لا أحتاج لذلك. أنا أعرف ماذا سيحدث." سكتت تيريزا للحظة، ثم قالت بلهجة غاضبة: "ماذا؟ كيف؟ لا يهم الآن... ولكن يجب أن ارد الدين." نظر إليها أسكاي بنظرة منزعجة، وأجاب: "حسنًا، أكره الإلحاح. إن كنتِ مصرة، إذًا، إذا رأيتِ أنني في خطر، أنقذيني." قالت تيريزا بهدوء، وهي تنحني له: "حسنًا، أيها الملك الأسود." ثم رفعت رأسها، لتبحث بعينيها عنه، لكنها لم تجده أمامها. ابتسمت ابتسامة خفيفة، وكأنها استمتعت بتلك اللحظة، ثم غادرت المكان بهدوء مر 1475 سنة في تلك الغابة، حيث التقى ليان بأسكاى مرة أخرى. على شجرة ضخمة، كانت تيريزا تراقب المشهد بعناية، تضحك بخبث على ما يحدث. كانت ليان تهرب بسرعة، وأسكاى، في هيئة الذئب، يركض خلفها في محاولات مستميتة للإمساك بها. مع اكتمال القمر وتحوله إلى اللون الأحمر الدموي، توقفت تيريزا فجأة. بابتسامة خبيثة على وجهها، همست لنفسها: "حان دوري الآن." ألقت تعويذة سحرية معقدة، وكان أسكاى غير منتبه لما يحدث. أصابته تعويذتها، وفي لحظة غريبة، تمت عملية تبادل الأرواح بينه وبين ليان. بدأ أسكاى يشعر بشيء غريب يتغلغل في جسده، بينما كان جسمه ينتقل إلى جسد ليان. تيريزا ضحكت بصوت عالٍ، مستمتعة بما فعلت. لم تكن بحاجة للبقاء. تركتهم هناك في الغابة، بينما انطلقت عائدة إلى كوخها، تاركة أسكاى في جسد ليان. أما ليان، التي كانت قد انتقلت إلى جسد أسكاى، فكانت غارقة في الشعور بالتخبط والدهشة، تحاول فهم ما حدث في تلك اللحظة القاتلة. وحد الله ♥ the end