موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      رواية اسطورة الملك الاسود - البارت 7

      اسطورة الملك الاسود 7

      2025, سما أحمد

      فانتازيا

      مجانا

      في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.

      تيريزا

      أقوى ساحرة على وجه الأرض، تمتلك عيونًا أرجوانية وسحرًا غامضًا، تحذر الملوك من الخطر القادم.

      أسكاي

      الهجين الأسطوري، يجمع بين قوة الذئاب والتنانين ومصاصي الدماء، وقد يصبح حاكمًا لا يقهر.

      ملوك الممالك الأربع

      حكام الممالك المتحالفة، يجتمعون لمناقشة معاهدة ستحدد مصير العالم، لكنهم يواجهون تحذيرًا قاتمًا من تيريزا.
      تم نسخ الرابط
      اسطورة الملك الاسود

       
      قبل 1500عام
      
      في قاعة ضخمة، اجتمع ملوك الممالك الأربعة حول طاولة كبيرة، وجلس كل واحد منهم على مقعده، يحيطهم هدوء مشوب بالترقب. كانت الأجواء ثقيلة، كما لو أن المعاهدة التي كانوا يناقشونها ليست مجرد اتفاق، بل مصير العالم بأسره. كانت كلماتهم تتبادل في صمت، كل واحد منهم يعرف أنه يتخذ قرارات ستحدد ملامح المستقبل.
      
      وفجأة، دخلت تيريزا. كان جسدها الرشيق يتنقل بين الحاضرين كأنها كائن من عالم آخر. شعرها الطويل يتمايل مع كل خطوة، وعينها الارجوانية التي تحمل سحراً غامضاً، جعلت الجميع يصمتون على الفور. كانت ترتدي فستاناً من حرير أرجواني لامع، يظهر عليه نعومة وفخامة لا توصف.
      
      توقفت في منتصف القاعة، وقفت أمام الملوك الذين التفتوا جميعاً نحوها. نظرت إليهم بعيون لا تعرف إلا الثقة والقوة، ثم تكلمت بصوت حاد ومؤثر:
      
      "عن ماذا تتحدثون هنا؟ هل تظنون أن هذه المعاهدة ستكون نهاية للمشاكل؟ أنتم لا تعلمون كم هي خطيرة! لو تم تفعيلها، لن تعودوا كما كنتم. قد تكون بداية النهاية للعالم كله."
      
      صمتت للحظة، وأكملت بنبرة أشد حدة:
      
      "لكن، هناك شيء أسوأ، شيء لا تتخيلونه. هذه المعاهدة ستولد شيئاً أكبر، لا تستطيعون التحكم فيه. ابنكم... حفيدكم... الملك الأسود أسكاى، سيكون هو السبب في دماركم جميعاً."
      
      ثم توقفت، كل عين في القاعة الآن مركزة على كلامها، وكأن كل كلمة خرجت من فمها ثقيلة كالحديد. كان الأثر الذي تركته كلماتها في الجو ملموسًا.
      
      قال ملك زجلان، مبتسمًا بتحدٍ، وكأنه لم يشعر بتهديد في كلامها:
      
      "من يقدر أن يدمرنا؟ من يستطيع الوقوف أمامنا؟ إذا استمر هذا، فالحرب ستكون السبب في تدمير العالم، وأنتِ تعلمين ذلك جيداً."
      
      لكن تيريزا لم تلتفت إلى غروره، بل كانت عيونها تنبع من الغضب وكأنها تتحرق من الداخل، ثم ردت بصوت مليء بالاحتقان:
      
      "إنه حفيدك! إنه حفيدكم... أسكاى، الملك الأسود! هذا الهجين اللعين هو السبب في كل هذا. وإذا استمر الأمر على هذا النحو، فإنكم جميعًا ستدمرون نسل العائلة بأكملها."
      
      وتوقفت عن الكلام، كانت كلماتها كالضربة القوية التي جعلت الأجواء مشحونة بالتوتر والدهشة.
      
      قال ألفريد، والاستغراب يملأ وجهه:
      
      "كيف عرفتِ أننا نناقش معاهدة؟ لا أحد يعلم بذلك سوانا نحن الأربعة."
      
      نظرت تيريزا إليه بنظرة ثابتة، حاولت أن تتمالك أعصابها، لكن الكلمات خرجت بحدة:
      
      "هل تعرف من أنا؟"
      
      ثم أضافت بحذر، ولكن بثقة:
      
      "أنا تيريزا، أنا أقوى ساحرة على وجه الأرض. أعرف كل شيء عنكم، حتى ما تحت ملابسكم... أعرف كل شيء."
      
      تحركت نظراتهم جميعًا في اتجاهات مختلفة، بينما كان إيثان يتطلع إليها بترقب، قائلاً:
      
      "إذاً، أخبرينا، ماذا سيحدث بالضبط؟"
      
      تنهدت تيريزا بعمق، وأخذت لحظة من الصمت قبل أن تجيب، وكأنها تزن كلماتها:
      
      "سوف تتزوجون أبناءكم لبعضهم البعض، صحيح؟"
      
      نظر الجميع إليها وبدأوا يجيبون بنعم في نفس اللحظة، وكأنهم اتفقوا جميعًا على هذا المصير.
      
      ابتسمت تيريزا ابتسامة غامضة، ثم اتجهت نحو الكرسي في المنتصف وجلست عليه. أشارَت لهم بالجلوس أيضًا. جلس جميع الملوك، لكن الحيرة كانت ظاهرة على وجوههم، وكأنهم لا يعرفون ما ينتظرهم.
      
      بدأت تيريزا في الحديث مجددًا، بينما وضعت قدمًا فوق الأخرى، ويدها متشابكة، ثم وضعتهما على قدمها.
      
      "أولاً، أنتم ستجعلون أبناءكم يتزوجون من بعضهم، وهذا سيؤدي إلى ولادة طفل... طفل سيجمع بين قوتكم جميعًا. هؤلاء الأطفال سيتعلقون ببعضهم بشدة، ومن تلك العلاقة سينتج طفل خارق، هجين بينكم أنتم الأربعة."
      
      ثم أكملت تيريزا، وصوتها صار أكثر حدة وقوة، كما لو كانت تحذرهم من مصير لا مفر منه:
      
      "يجب بكل قوة أن تمنعوا تلك العلاقة. يجب أن تضعوا حداً لها الآن، قبل أن يخرج الأمر عن سيطرتكم."
      
      صمتت للحظة، ثم تابعت، والنبرة في كلامها أشد، كما لو أن كلماتها ستحمل لعنة:
      
      "لكن إذا لم تمنعوا هذه العلاقة... ستكون النتيجة كارثية."
      
      ثم نظرت في عيونهم، كل واحد منهم وكأنها تراوده أفكاره الداخلية، قبل أن تكمل:
      
      "أولاً، ستدمرون أنتم جميعًا. نسل العائلة الملكية بأكملها سينقرض. وإذا تبقى نسل ضعيف، سيكون مجرد خادم له، يتبع الأوامر، ليس له إرادة."
      
      وواصلت كلامها بصوت ملؤه التهديد:
      
      "ثانيًا، لأن هناك من يظن أنه بإمكانهم حكم الممالك الأربع، ولكن الحقيقة أن ملك واحد فقط سيكون هو المالك للكل... هذا هو الملك الأسود. أسكاى."
      
      قال ليفان، وهو يحدق بها بتساؤل:
      
      "صفى شكله، لو سمحتِ."
      
      أخذت تيريزا نفسًا عميقًا، ثم عدلت من وضع جلستها، وراحت تنظر إليه بعينين مليئتين بالتركيز، ترفع حاجبها الأيسر وتحدق في عينيه كما لو أنها تبحث في أعماقه.
      
      "حسنًا، إليك هذا."
      
      ثم بدأ كلامها بصوت حازم، كأنها تشرح شيئًا مهمًا لا بد من فهمه جيدًا:
      
      "أولاً، هو بشري الشكل، ليس له وصف غريب. لكن إذا كنت تقصد وجهه، فهو وسيم... وسيم جدًا، لدرجة أنه يذهل من يراه."
      
      ثم نظرت بتمعن، كأنها تتذكر تفاصيل دقيقة، وتابعت:
      
      "أما إذا كان في هيئة ذئب... فهو أكبر بعشر مرات من الذئب العادي. فروه أسود، أسود جدًا، كأنه الليل نفسه."
      
      صمتت لحظة، ثم قالت بصوت صارم:
      
      "أما إذا كان في هيئة تنين، فهو ضخم للغاية، ضخم جدًا. جلده خشن، قاسي، أقوى وأكبر من أي تنين تعرفونه."
      
      ثم أضافت بحذر، وكأنها تذكر تفاصيل قد تكون أكثر خطرًا:
      
      "أما في هيئة مصاص دماء، فلم أره جيدًا، لكن عندما يغضب بشدة، تظهر أنيابه... وتكون مرعبة."
      
      تابعت تيريزا حديثها وهي تلاحظ تأثير كلماتها على وجوههم، ثم استمرت بلهجة تحمل تحذيرًا صارمًا:
      
      "إنه ليس مجرد مخلوق عادي. ليس مجرد شخص يمكن القضاء عليه بسهولة. قوته تتخطى حدود الخيال. إذا تمكن من السيطرة على هذه العلاقة بين الأجيال، سيكون ملكًا لا يقهر. لا يوجد من يستطيع الوقوف أمامه."
      
      ثم أضافت، وعيونها تلمع بشيء من الغموض:
      
      "أصله، نابع من مزيج من كل شيء. قوة الذئب، شراسة التنانين، وحكمة مصاصي الدماء. هذا الهجين، هو أقوى مما يمكن أن تتصوروا."
      
      صمتت للحظة، ثم قالت بصوت منخفض، يترنح بين التهديد والتحذير:
      
      "لكن من يجرؤ على الوقوف في وجهه؟ من يظن نفسه قادرًا على تدميره؟"
      
      النظرات كانت شديدة، مليئة بالحيرة والخوف. ملوك الممالك الأربعة شعروا بثقل الكلمات، لكنهم كانوا لا يزالون في حالة من الإنكار.
      
      "أنتم أمام خيار واحد فقط. إما أن تمنعوا هذا الهجين من الوجود، أو ستواجهون عواقب لا يمكنكم التنبؤ بها."
      
      نظرت لهم بنظرة حادة، ثم أضافت:
      
      "المعاهدة التي تظنون أنها ستحل كل شيء، ستكون السبب في دمركم جميعًا. تذكروا جيدًا، ملك واحد فقط سيحكم هذا العالم... الملك الأسود."
      
      استمر الجميع في الصمت، كما لو أن الكلمات قد سحبت منهم القدرة على التفكير. كان الغموض يحيط بهم، والجميع يعلم أن الخطر يقترب، ولكنهم كانوا مترددين في اتخاذ أي خطوة.
      
      نظرت تيريزا إلى كل ملك منهم، وعينيها تتنقل بين وجوههم، تراهم يواجهون المصير ذاته. ثم قالت بلهجة حادة:
      
      "قد تظنون أنكم تستطيعون التحكم في مصير هذا العالم، ولكن في النهاية، سيظل الملك الأسود هو من يحدد من يبقى ومن يزول."
      
      كانت نبرة صوتها مليئة بالقوة والتهديد، وجعلت الجميع يشعرون بثقل القرار الذي يواجهونه. ثم تابعت:
      
      "إذا لم تتعاونوا معًا لمنع هذه العلاقة بين أبنائكم، فسيكون الملك الأسود هو من سيقودكم جميعًا إلى الهلاك. ليس هناك مجال للخطأ، ولا وقت للتردد."
      
      ابتسمت ابتسامة باردة، وكأنها تعرف أن الطريق الذي يسلكه الملوك قد يؤدي بهم إلى نهايتهم. أضافت:
      
      "الآن، الخيار بين أيديكم. هل ستستمعون إليَّ وتمنعون تلك العلاقة؟ أم أنكم ستتركون الأمور تخرج عن سيطرتكم؟"
      
      ثم نهضت من مكانها، وأعطتهم نظرة أخيرة قبل أن تغادر الغرفة، وكان الجميع في حالة من الارتباك التام.
      
      قبل أن تغادر، قالت بصوت منخفض:
      
      "تذكروا، لا أحد يستطيع إيقاف ما سيحدث الآن. إلا إذا اتحدتم، ولكن هل أنتم مستعدون لدفع الثمن؟"
      
      تلك الكلمات كانت آخر ما سمعوه قبل أن تختفي من أمامهم، تاركة وراءها شعورًا ثقيلًا من الخوف والقلق.
      
      بينما غادرت تيريزا الغرفة، تركت وراءها جوًا مشحونًا بالقلق والترقب. ملوك الممالك الأربعة كانوا في حالة صمت مطبق، كل منهم يحاول استيعاب ما قالته الساحرة. يبدو أن الكلمات كانت ثقيلة جدًا عليهم، وكأنها ستترك أثرًا لا يمكن محوه.
      
      بعد دقائق من الصمت الثقيل، تحدث ملك زجلان أخيرًا بصوت منخفض:
      
      "هل نصدق ما قالته؟ هل فعلاً لدينا خيار؟"
      
      قال إيثان وهو يلوح بيده في الهواء:
      
      "لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا. هذا الهجين الذي تحدثت عنه... مستحيل! كيف يمكن أن يتجمع كل هذا في شخص واحد؟"
      
      لكن كان واضحًا أن شكوكهم لم تكن تقضي على الخوف الذي يملأ قلوبهم. نظر الجميع إلى بعضهم البعض، وكأنهم يبحثون عن إجابة واحدة، شيء يؤكد لهم أنهم في أمان.
      
      ثم قال ليفان، بنبرة حادة مليئة بالشك:
      
      "لكن كيف يمكننا إيقاف شيء لا نعرفه بالكامل؟ هي قالت إنه لا يوجد أحد يمكنه إيقافه، وحتى لو تجنبنا هذه العلاقة، هل سنكون فعلاً في مأمن؟"
      
      التفت الجميع إلى ملك الشمال، الذي كان صامتًا طوال الحوار. قال الملك ببعض التردد:
      
      "لا أستطيع أن أتجاهل ما قالته تيريزا. هناك شيء في كلامها يبدو حقيقيًا... كل شيء قد ينقلب رأسًا على عقب في لحظة، ولا أعتقد أننا مستعدون لذلك."
      
      فجأة، انفجرت الغرفة بحوار متسارع. كل منهم كان يطرح أسئلة بلا إجابة، لكن كان الجميع يعلم أن الوضع يزداد تعقيدًا. الحرب لم تكن تهدد العالم فقط، بل أصبح مستقبلهم جميعًا معلقًا على خيط رفيع.
      
      نظر ملك الجنوب إلى الجميع وقال بجدية:
      
      "إذن، ماذا نفعل الآن؟ هل نتخلى عن المعاهدة التي تم الاتفاق عليها؟ أم نسمح لأبنائنا بالزواج، مع العلم أن ذلك قد يدمرنا جميعًا؟"
      
      رفع ملك الغرب يده، وكان واضحًا في صوته أن القرار ليس سهلاً عليه:
      
      "الوقت ليس في صالحنا. إذا لم نتصرف سريعًا، سيخرج كل شيء عن نطاق السيطرة. ولكن كيف نتأكد من صحة ما قالته تيريزا؟"
      
      ارتفعت الحيرة في الأجواء، وكان كل منهم يحاول التفكير في الحل الأمثل، لكن لم يكن هناك إجابة واضحة. كل واحد منهم كان يواجه قلقًا داخليًا، فقد وصلوا إلى نقطة مفصلية، ومن هنا ستبدأ الحرب الحقيقية.
      
      نظرت تيريزا من بعيد من خلف باب الغرفة المفتوح جزئيًا، كانت تراقبهم بهدوء. ابتسمت في داخلها، فهي كانت تعرف أن كل خطوة سيأخذونها ستقودهم إلى المجهول. هي فقط ألقت بالكرة في ملعبهم، وكان الوقت الآن ليقرروا مصيرهم.
      
      لم يهتم الملوك بكلام تيريزا، وألقوا به خلف ظهورهم. قرروا أن تتم المعاهدة كما اتفقوا عليها، لكن قبل أن يُختتم الأمر، اتفقوا على أن يمنعوا أحفادهم من الوقوع في الحب، تحسبًا من أن يكون ما قالته تيريزا صحيحًا. لكن، رغم كل المحاولات، لم ينجحوا في تنفيذ هذه الخطة.
      
      مر 25 عامًا.
      
      كانت تيريزا تجلس على حافة الجبال، تنظر من خلال نافذة سحرية بواسطة بومتها الخاصة، تراقب ولادة الملك الأسود وتراقب كل شيء بدقة. كانت تراقب الوجوه، الخدم، الأطباء، وكل من كان حول الحدث. كانت تستمتع بمشاهدتها لما يحدث، وكأنها تشاهد عرضًا مسرحيًا.
      
      انتهت الولادة، وولد أسكاى.
      وقفت تيريزا، وابتسمت ابتسامة شريرة، ثم قالت بسخرية:
      "لا لا لا... كيف وُلِد؟ ألم أقل لكم أن نهايتكم قريبة جدًا؟"
      
      مع مرور السنوات
      
      بلغ أسكاي العاشرة من عمره، لكن إدراكه ونضجه كانا يفوقان سنه بكثير. اعتاد التجول في الغابة وحده، مستمتعًا بعزلته وسط الأشجار الشاهقة والظلال المتراقصة.
      
      بينما كان يسير بخطوات ثابتة، التقطت أذناه صوت صياح النسور. رفع رأسه على الفور، فرأى مجموعة منها تحلق في دائرة مغلقة، كأنها تنتظر موت فريسة ما. عقد حاجبيه بقلق، مدركًا أن هناك أمرًا غير طبيعي.
      
      دون تردد، انطلق يعدو بأقصى سرعته نحو الموقع. كان يعلم أن النسور لا تجتمع بهذه الطريقة إلا لسببين: إما أن هناك كائنًا يحتضر، أو أن خطرًا داهمًا يهدد أحدهم. تسارعت نبضاته، وأدرك أن سرعته البشرية لن توصله في الوقت المناسب، فسمح لغريزته الحقيقية بالسيطرة. في لحظة خاطفة، تغيرت ملامحه، واتسعت حدقتاه بلون فضي لامع، قبل أن يتمدد جسده، وتبرز أنيابه ومخالبه، متحولًا بالكامل إلى ذئب.
      
      بخفة وسرعة لا يمتلكها البشر، اندفع عبر الأشجار، قافزًا فوق الصخور والجذوع المتساقطة، حتى وصل إلى الساحة التي كانت النسور تحوم فوقها. توقف فجأة، عيناه الحادتان تمسحان المكان، وأنفه يلتقط رائحة الدم.
      وعيناه تلتقطان المشهد بسرعة. في وسط الساحة كانت هناك فتاة، ممدة على الأرض، مغطاة بالجروح والدماء. كانت شاحبة، ولا تكاد تستطيع الحركة. أسكاي نظر إليها بعناية، لكن ما لفت انتباهه أكثر من جمالها هو حجم الجرح الذي كانت تعاني منه، والدماء التي كانت تغطي المكان.
      
      لكن فجأة، شعر بشيء غريب. أصوات الرجال الذين يبحثون عنها اقتربت بسرعة. تباينت أصواتهم بين الغضب والتهديد. علم أسكاي أنه لا وقت للانتظار. عاد إلى هيئته البشرية بسرعة، واقترب بحذر من الفتاة. قبل أن يقترب منها، رأت الفتاة ما يفعله وأطلقت تعويذة سحرية نحوه، لكن السحر تلاشى في الهواء قبل أن يؤثر عليه. كانت الفتاة في حالة صدمة مما رأته.
      
      لم يهتم أسكاي بذلك، فركز على الجرح الكبير في جسدها. اقترب منها بسرعة، وحاول علاج الجرح، لكن صوت أحد الرجال صرخ من بعيد، مقاطعًا محاولته:
      
      "أيها الطفل! ابتعد عنها فورًا، هذه الفتاة ليست لعبة! سلّمها لنا حالًا!"
      
      نظر أسكاي إلى الرجال المحيطين به بنظرة مرعبة، مختلطة بالبرود والثقة. كان يبدو وكأنه لا يشعر بشيء من حوله بينما كان الرجال ينظرون إليه في حالة من الرعب، رغم أنهم حاولوا التظاهر بالجاهزية، ولكنهم كانوا يعلمون في أعماقهم أن نهايتهم قد حانت.
      في لحظة، تغيرت ملامح أسكاي، برقت عيناه بالأحمر الدموي القائم بينما ظهرت أنيابه الحادة. تحول كل شيء حوله إلى لون من الدماء، وكان الجو مشبعًا بنوع من الوحشية الغامضة.
      لم يكن هناك وقت للحديث. في ومضة خاطفة، انطلق أسكاي بسرعة البرق، وهجم على الرجال الخمسة، فصل رؤوسهم عن أجسادهم بيد واحدة، ودماؤهم ملأت المكان حوله. سقطت الجثث على الأرض، بينما أسكاي عاد إلى هيئته البشرية من جديد بهدوء عجيب.
      اقترب من الفتاة "تيريزا"، التي كانت لا تزال في حالة غيبوبة جزئية بسبب الألم. فحص أسكاي جرحها، ورأى أنها بحاجة إلى علاج سريع، لكن الجروح كانت عميقة جدًا. علم أنه لا يوجد وقت للبحث عن علاج خارجي، فقرر استخدام قوته الخاصة.
      رفع يده، وجرح نفسه برفق حتى بدأ الدم يتساقط منه. ثم قرب يده إلى جرح تيريزا، لدمائه أن تلامس الجرح. كان دم أسكاي يحتوي على قوة شفائية قوية، قادرة على إغلاق الجروح وتعزيز سرعة الجسم على التعافي بسرعةببطء، بدأ الجرح يلتئم الدماء التي كانت تغمر جسدها بدأت تختفي، وحركة قلبها عادت تدريجيا. نظر إليها أسكاي باهتمام، عينيه تلمعان بخطورة، وهو يدرك أن ما فعله لم يكن سوى بداية ما سيحدث بينهما.
      
      استفاقت تيريزا ببطء، غير مصدقة أنها على قيد الحياة. نظرت حولها، ثم التقت عيناها بأسكاي الذي كان جالسًا بهدوء، ينظر إليها بعينين باردتين. كانت تساؤلاتها تتناثر في ذهنها.
      
      قالت بصوت متقطع:
      "أنت... أسكاي؟"
      
      هز أسكاي رأسه بثبات، مؤكدًا لها.
      تفاجأت تيريزا مما قاله، وأجابته سريعًا:
      "لماذا أنقذتني، أسكاي؟"
      
      أجابها أسكاي بصوت بارد وجاف، ممزوج بتكبره المعتاد:
      "أنا أردت ذلك."
      
      حدقت فيه تيريزا لوهلة، ثم قالت:
      "إذن، أنت حقًا الملك الأسود؟ حسنًا، إذن أنت تعرف من أنا."
      
      رد أسكاي بنبرة جافة وقاطعة:
      "لا أريد أن أعرف، لا يهمني."
      
      نهض أسكاي من مكانه، كأنه على وشك المغادرة. لكن تيريزا لم تكن مستعدة لتركه يرحل دون جواب. وقفت بسرعة، حاصرة طريقه.
      
      "أسكاي، انتظر! دعنا نتعرف. أنا تيريزا، أقوى ساحرة على وجه الأرض."
      
      نظر إليها أسكاي بنظرة ساخرة، وقال:
      "صحيح، أنت قوية... من تلك التي كانت ستُقتل الآن."
      
      أحست تيريزا بألم في كلمات أسكاي، لكنها حاولت التماسك، وقالت:
      "لقد غدر بي. المهم، كيف يمكنني أن أرد لك الدين؟"
      
      أجابها بأسلوبه الجاف المعتاد:
      "بسيطة، لا ترديه. لا أحتاج دينك."
      
      تفاجأت تيريزا من رده، فصمتت للحظة، ثم قالت:
      "ماذا؟ كيف لا يجب أن أرد لك الدين؟ إذاً، ما رأيك أن أريك مستقبلك؟ وأقول لك ماذا سيحدث؟"
      
      رد عليها بأسلوب حازم:
      "لا أحتاج لذلك. أنا أعرف ماذا سيحدث."
      
      سكتت تيريزا للحظة، ثم قالت بلهجة غاضبة:
      "ماذا؟ كيف؟ لا يهم الآن... ولكن يجب أن ارد الدين."
      
      نظر إليها أسكاي بنظرة منزعجة، وأجاب:
      "حسنًا، أكره الإلحاح. إن كنتِ مصرة، إذًا، إذا رأيتِ أنني في خطر، أنقذيني."
      
      قالت تيريزا بهدوء، وهي تنحني له:
      "حسنًا، أيها الملك الأسود."
      
      ثم رفعت رأسها، لتبحث بعينيها عنه، لكنها لم تجده أمامها. ابتسمت ابتسامة خفيفة، وكأنها استمتعت بتلك اللحظة، ثم غادرت المكان بهدوء
      
      مر 1475 سنة
      
      في تلك الغابة، حيث التقى ليان بأسكاى مرة أخرى. على شجرة ضخمة، كانت تيريزا تراقب المشهد بعناية، تضحك بخبث على ما يحدث. كانت ليان تهرب بسرعة، وأسكاى، في هيئة الذئب، يركض خلفها في محاولات مستميتة للإمساك بها.
      
      مع اكتمال القمر وتحوله إلى اللون الأحمر الدموي، توقفت تيريزا فجأة. بابتسامة خبيثة على وجهها، همست لنفسها:
      "حان دوري الآن."
      
      ألقت تعويذة سحرية معقدة، وكان أسكاى غير منتبه لما يحدث. أصابته تعويذتها، وفي لحظة غريبة، تمت عملية تبادل الأرواح بينه وبين ليان. بدأ أسكاى يشعر بشيء غريب يتغلغل في جسده، بينما كان جسمه ينتقل إلى جسد ليان.
      
      تيريزا ضحكت بصوت عالٍ، مستمتعة بما فعلت. لم تكن بحاجة للبقاء. تركتهم هناك في الغابة، بينما انطلقت عائدة إلى كوخها، تاركة أسكاى في جسد ليان. أما ليان، التي كانت قد انتقلت إلى جسد أسكاى، فكانت غارقة في الشعور بالتخبط والدهشة، تحاول فهم ما حدث في تلك اللحظة القاتلة.
      وحد الله ♥
      
      the end
      
      

      سايلوس بوابة الاعماق - الفصل الرابع

      سايلوس بوابة الاعماق 4

      2025, سما أحمد

      فانتازيا

      مجانا

      تجد ليا نفسها محاصرة في مكان لا تستطيع الهروب منه، تلاحقها نظرات سايلوس القاتلة ومعاونَيه راين وأرورا. محاولاتها المتكررة للهرب تنتهي دائماً في النقطة ذاتها، وكأنها عالقة في متاهة لا نهاية لها. مع تصاعد التوتر، تبدأ ليا في إدراك أن هؤلاء الكائنات ليسوا بشراً، وأنها ليست مجرد ضيفة... بل أسيرة في لعبة غامضة لا تفهم قواعدها بعد.

      ليا

      تجد نفسها محتجزة في عالم غامض، تمتلك شجاعة رغم خوفها

      سايلوس

      الشخصية المسيطرة والمخيفة، يملك قدرات غير مفهومة ويتعامل مع ليا كأنها دمية في لعبته.

      راين

      شخصية باردة، يتبع سايلوس بإخلاص، غامض ويبدو بلا مشاعر.
      تم نسخ الرابط
      روايه فانتازيا

       
        
      أفاقت ليا من الصدمة التي شلّتها، شعرت بقلبها ينبض بجنون، وكأن عقلها أخيرًا استوعب الخطر الذي يحدق بها. لم تفكر، لم تحاول الفهم، لم تلتفت…
      
      استدارت فجأة، وانطلقت تركض بكل ما أوتيت من قوة!
      
      الهواء مزّق خصلات شعرها، وقدماها كادتا تتعثران على الدرج، لكنها لم تهتم، لم يكن هناك وقت للتردد. كل ما تعرفه أنها يجب أن تخرج من هنا!
      
      راين تابعها بعينيه الباردتين، قبل أن يقول بهدوء وهو ينقل نظره إلى سايلوس:
      "سيدي… إنها تهرب."
      
      لكن سايلوس لم يتحرك، فقط راقبها بنظرة باردة، ثم قال بصوت هادئ لكنه ممتلئ بالثقة القاتلة:
      "دعها… لن تتمكن من الهرب."
      
      وبحركة سلسة، رفع يده، ثم فرقع بأصابعه.
      
      في لحظة… اختفت "ليا".
      
      لم يتفاجأ راين أو ارورا مما فعله سايلوس، لكن تلك التي ظنت أنها هربت، أو لنقل… تخيلت أنها تهرب، وجدت نفسها فجأة متجمدة في مكانها.
      
      أمامها… كانوا الثلاثة يقفون مجددًا.
      
      عيناها اتسعتا بصدمة.
      
      كيف؟!
      
      كانت تهرب قبل لحظات… كانت تركض!
      
      لكنها الآن… في المكان نفسه الذي هربت منه، تواجه سايلوس مجددًا.
      
      أدارت رأسها بارتباك، قلبها ينبض بجنون، كيف حدث هذا؟ لم يكن هناك أي إحساس غريب، لم يكن هناك أي انتقال، فقط… وكأنها ركضت في دائرة مغلقة دون أن تدرك ذلك.
      
      سايلوس لم يبتسم، لم يُظهر أي تعبير، فقط نظر إليها نظرة جامدة، ثم قال بصوت هادئ لكنه يحمل تهديدًا خفيًا:
      "إلى أين كنتِ تعتقدين أنكِ ذاهبة؟"
      
      لم تستسلم…
      
      رغم الصدمة، رغم عدم فهمها لما يحدث، رغم أن عقلها كان يصرخ بأنها عالقة في كابوس لا تستطيع الاستيقاظ منه، إلا أنها حاولت مجددًا.
      
      استدارت وركضت بأقصى سرعة، أقدامها بالكاد تلامس الأرض، الهواء يصفع وجهها، والخوف يغذي عضلاتها، يدفعها للمضي قدمًا… لكن…
      
      في اللحظة التالية، وجدت نفسها أمام الثلاثة مجددًا.
      
      مرة أخرى.
      
      ومرة بعد مرة…
      
      وفي كل مرة…
      
      كان سايلوس، راين، و ارورا يجلسون بهدوء على المقاعد في الحديقة، ينظرون إليها ببرود، بلا أدنى اهتمام، وكأنهم يشاهدون عرضًا سخيفًا لم يعد يثير فضولهم.
      
      وكأنها لم تكن سوى فأر صغير عالق في متاهة، يركض بلا جدوى.
      
      المرة الأخيرة، حين جلبها سايلوس مجددًا، سقطت على الأرض، أنفاسها متقطعة، صدرها يعلو ويهبط بجنون من فرط الجري.
      
      لم تعد قادرة على المقاومة، لم يعد لديها حتى القوة للنهوض…
      
      رفعت يدها باستسلام، أنفاسها مضطربة، ثم همست بصوت متهدج:
      
      "كفى… رجاءً… كفى… لقد تعبت…"
      
      عيناها كانتا تلمعان من الإرهاق، ولكن هناك شيء آخر ظهر في ملامحها… انكسار.
      
      لحظة صمت…
      
      ثم…
      
      ابتسم سايلوس.
      
      لكن ابتسامته لم تكن ساخرة، لم تكن مستفزة… كانت هادئة، غامضة، مزيجًا من الرضا والهيمنة.
      
      نظر إليها بعينيه المتوهجتين، ثم مال برأسه قليلًا وقال بصوت منخفض لكنه اخترق الهواء كالسكين:
      
      "ألم أقل لكِ… لن تتمكني من الهرب؟"
      
      تنفست أماليا بعمق، تحاول تهدئة أنفاسها المتلاحقة بعد كل محاولات الهرب الفاشلة. نظرت إلى الثلاثة الجالسين أمامها في الحديقة، يراقبونها ببرود، وكأنهم لم يكونوا السبب في هذا الجنون الذي تعيشه الآن.
      
      رفعت يدها باستسلام، ثم قالت بلهجة ساخرة ممزوجة بالإرهاق:
      "حسنًا، لقد ربحتَ أيها الكائن الغامض! هل هذا ما كنت تريده؟ أخبرني فقط، لماذا تحبسونني هنا؟ لم أفعل شيئًا يستحق ذلك، وبالمناسبة، إن كنتَ تتوقع مني أن أكون ممتنة لأنني ما زلت على قيد الحياة، فدعني أخبرك أنني لم أكن يومًا من محبي الفضائيين... ولا البشر أيضًا."
      
      انفجرت ارورا ضاحكة، تقهقه وكأنها سمعت نكتة مسلية، ثم هزت رأسها قائلة:
      "فضائيون؟ يا لكِ من مسلية، حقًا! يا فتاة، لسنا فضائيين، ولسنا بشرًا أيضًا. نحن كائنات أخرى تعيش بينكم، لكننا لا ننتمي لعالمكم."
      
      حدّقت بها أماليا بارتباك، عيناها ضيقتان وكأنها تحاول استيعاب ما سمعته للتو. قالت ببطء:
      "ماذا تقصدين؟"
      
      تدخل راين بصوته الهادئ الرتيب، نبرته كانت خالية من أي مشاعر واضحة:
      "باختصار، لن نؤذيكِ. ولستِ حبيسة كما تظنين."
      
      رفعت حاجبها بتحدٍّ وسألت بحدة:
      "أوه حقًا؟ إذن لماذا لا أستطيع المغادرة؟ لماذا أعود لنفس المكان في كل مرة أحاول فيها الهرب؟"
      
      لم يُجبها راين مباشرة، فقط تبادل نظرة جانبية مع سايلوس قبل أن يعود بنظره إليها ويقول بهدوء:
      "لأنكِ ضيفة سيدنا، وليس من عادة الضيوف أن يهربوا من مضيفهم."
      
      ارتجفت أماليا للحظة، شعور غريب زحف على جسدها مع كلماته. لم تكن مرتاحة على الإطلاق.
      
      بلعت ريقها بصعوبة، ثم تمتمت بصوت منخفض:
      "ومَن هو سيدُك؟"
       
      
      
      لم يرد راين بالكلمات هذه المرة، بل رفع يده وأشار مباشرة إلى سايلوس.
      
      في تلك اللحظة، وكأن شيئًا غير مرئي في الجو تغيّر...
      
      أحست أماليا ببرودة غريبة تسري في عروقها وهي تحدق في الرجل الواقف أمامها، مَن يُفترض أنه "سيدهم". لم يكن ينظر إليها مباشرة، بل كان يراقبها بهدوء، كأنه ينتظر منها أن تدرك الحقيقة بنفسها.
      
      أماليا، وعلى الرغم من كل إرهاقها، لم تستطع منع نفسها من التفكير...
      
      نظرت أماليا إلى سايلوس بعينين متسعتين، جسدها لا يزال على الأرض، إرهاقها واضح، لكنها لم تكن مستعدة للاستسلام بهذه السهولة. أخذت نفسًا عميقًا، ثم سألت بصوت مرتجف لكنه يحمل بعض التحدي:
      
      "لماذا أكون ضيفتك، سيدي؟"
      
      وقف سايلوس بثبات، نظراته باردة، قبل أن يميل رأسه قليلاً، ويبتسم بسخرية خفيفة:
      "لأنني أريد ذلك."
      
      ثم تابع، صوته أصبح أكثر حدة، وكلماته نزلت عليها كالصاعقة:
      "في الواقع، لقد كنتِ محقة... أنتِ لستِ ضيفتي، بل حبيستي."
      
      شعر كل من ارورا و راين بالدهشة، نادراً ما يفصح سايلوس عن نواياه بهذا الوضوح، لكنه الآن قالها بكل بساطة، وكأن الأمر محسوم منذ البداية.
      
      أما أماليا، فقد اتسعت عيناها بصدمة، ثم صرخت بغضب:
      "لقد قلت إنني لستُ حبيسة!"
      
      رفعت يدها وأشارت إليه بحدة، جسدها يرتجف من الغضب:
      "اسمع أيها الوحش المقزز! لن أكون حبيستك هنا! هل تعتقد أنني وحدي في هذا العالم؟ لديّ شخص سيأتي ليأخذني منك! زوجي المستقبلي لن يتركك دون أن يكسر عظامك!"
      
      ما إن أنهت كلامها حتى ضحك سايلوس...
      
      ضحكة لم تكن مجرد سخرية، بل كانت عميقة، داكنة، كأنها تنبع من ظلمة لا نهاية لها.
      
      رفعت أماليا حاجبها، متوترة من ردة فعله، لكنها رغم ذلك هزت رأسها وأكدت بثقة عمياء:
      "نعم! حبيبي سيأتي ليكسر عظامك!"
      
      لكن سايلوس لم يتوقف عن الضحك، بل ازداد ضحكه، حتى بدأ صدى صوته يتردد في المكان، طاقة غريبة تملأ الجو.
      
      نظر مساعداه إليه بقلق، فهذه الضحكة ليست عادية... إنها الضحكة التي عادةً ما تعني أن شخصًا ما على وشك البكاء... ولكن ليس بدموع، بل بدماء.
      
      ثم، فجأة، توقف عن الضحك تمامًا. عاد إلى جموده المعتاد، عينيه الحادتين تركزتا على أماليا بحدة قاسية.
      
      "صغيرتي..." قال بصوت منخفض لكنه يحمل وزنًا ثقيلًا، "ذلك الحبيب الذي تزعمين أنه سيأتي ليكسر عظامي... مشغول الآن بكسر شيء آخر تمامًا."
      
      نظرت إليه أماليا بارتباك، لم تفهم ما يقصده. "ماذا تعني؟"
      
      رفع سايلوس يده، ولوّح بأصابعه، ليظهر أمامها مشهد ثلاثي الأبعاد، صورة واضحة تمامًا...
      
      كانت الشاشة تعرض كايل، حبيبها الذي وثقت به، لم يكن يبحث عنها، لم يكن قلقًا عليها، بل كان... في أحضان أختها ميرا.
      
      أماليا جمدت مكانها، جسدها فقد كل قوته، تنفست بصعوبة، عيناها كانتا تتابعان المشهد أمامها وهي غير قادرة على تصديقه.
      
      همس سايلوس بصوت خافت، لكنه اخترق أذنيها كالسيف:
      "إن لم تصدقيني... شاهدي بنفسك.
      
      كانت المشاهد أمام أماليا أشبه بكابوس لا ينتهي. كل شيء رأته تجاوز حدود الخيانة، بل تحول إلى قذارة لا تطاق. لم تكن مجرد خيانة عاطفية، بل كانت خيانة متجذرة، مخطط لها منذ البداية، خيانة جعلت معدتها تنقلب وأطرافها ترتجف.
      
      عيناها امتلأتا بالدموع، لكنها لم تستطع حتى البكاء. كانت في حالة صدمة، جسدها متصلب، أنفاسها بطيئة وغير منتظمة، وكأن عقلها يرفض تصديق ما يراه.
      
      لكن سايلوس لم يكتفِ بذلك...
      
      "إن لم تصدقي بعد، فإليكِ المشهد الآخر."
      
      لوّح بيده مجددًا، ليظهر أمامها مشهد جديد...
      
      فيه كان كايل يقف عند حافة القارب، يسكب الزيت على السطح بهدوء مريب، نظراته خبيثة، وكأن ما يفعله مجرد خطوة بسيطة في خطته الكبرى. لم يكن الأمر مجرد حادث، لم يكن مجرد سوء حظ، بل كان مدبرًا منذ البداية.
      
      ثم ظهر مشهد آخر... كايل يجلس مع ميرا، يضحكان بسخرية، يتحدثان بصوت منخفض، لكن كل كلمة كانت كالسكين التي تمزق قلب أماليا أكثر.
      
      "أتعلمين؟ لقد كانت غبية جدًا، صدقت كل شيء بسهولة." قالها كايل بابتسامة متكلفة.
      
      "بالطبع، لقد خططنا لهذا منذ البداية، أليس كذلك؟" ردت ميرا، وهي تميل نحوه بمرح.
      
      "بالضبط، كان عليّ فقط أن أجعلها تقع في حبي، ومن هناك... كل شيء أصبح أسهل."
      
      ثم، بصوت أكثر خبثًا، تابع:
      "بمجرد أن تموت، ستكون ممتلكاتها لنا. لا شيء سيقف في طريقنا بعد الآن."
      
      أماليا شهقت بصوت مكتوم، جسدها ارتجف بعنف، وأخيرًا، انهمرت دموعها دون سيطرة. لم يكن مجرد خيانة، بل كان استغلالًا، مؤامرة كاملة ضدها.
      
      رفعت يدها ببطء إلى فمها، تحاول كتم شهقاتها، لكنها لم تستطع.
      
      عندها، تراجع المشهد ليعود سايلوس إلى الواجهة، عاقدًا ذراعيه، ملامحه جامدة كالصخر.
      
      "إن كنتِ لا تصدقينني، فلكِ الحق في ذلك." قال بصوت هادئ لكنه قوي. "لكن فكري قليلًا... لماذا أكذب عليكِ؟ ماذا سأستفيد من خداعك؟"
      
      تراجعت أماليا خطوة للوراء، عقلها لا يزال يترنح بين التصديق والإنكار.
      
      ثم، بابتسامة لم تحمل أي مشاعر، أضاف سايلوس:
      "لقد كشفت لكِ هذا لأنني... طيب القلب."
      
      لحظة صمت تلت كلماته، قبل أن تتبادل فليريون و راين النظرات بدهشة واضحة.
      
      "ماذا؟!" تمتمت ارورا بصوت منخفض، تحدق في سيدها وكأنها سمعت للتو شيئًا مستحيلًا.
      
      أما راين، فاكتفى برفع حاجبه ببطء، وكأنه يحاول تحليل تلك الجملة التي لا تتناسب أبدًا مع الشخص الذي يعرفه.
      
      سايلوس؟ طيب القلب؟ يهتم بالآخرين؟
      
      كان الأمر مثيرًا للسخرية أكثر من أي شيء آخر.
      
      اقترب سايلوس ببطء، عيناه تتابعان دموع أماليا المنهمرة، نظراتها المكسورة، والرجفة التي اجتاحت جسدها الصغير. لم يتردد لحظة، مدّ يديه وسحبها برفق إلى صدره، حيث غمرها في عناق دافئ.
      
      كانت أماليا في تلك اللحظة كطفلة ضائعة وجدت أخيرًا مأوى لها. شعرت بحرارة جسده، ذلك الدفء الرهيب الذي لم تعرفه من قبل، وكأنه يحميها من العالم القاسي. بدلاً من التراجع، تشبثت به أكثر، دفنت وجهها في صدره، وانهارت تمامًا.
      
      ظلت تبكي، دموعها تُبلل قميصه، بينما تتمتم بكلمات محطمة، متألمة:
      
      "الكل خائن... الكل مخادع... الكل غشاش... لا أحد يهتم بي!"
      
      صوتها كان يرتجف، وكان كل حرف يخرج منها مليئًا بالمرارة.
      
      "يعتقدون أنني مجرد أوزة تبيض لهم ذهبًا كل يوم! لا أحد يرى أنني إنسانة... أنني أستحق الفرح ولو قليلًا! الكل لعين... اللعنة عليهم جميعًا!"
      
      بدأت تضرب صدر سايلوس وكتفه بقبضتيها المرتعشتين، لكنها لم تكن ضربات مؤذية، بل كانت أقرب لطفلة غاضبة تحاول إخراج ألمها بأي وسيلة. ومع كل ضربة، كانت تشدّ عليه أكثر، تتشبث به كأنه آخر ملجأ لها.
      
      لكن سايلوس لم يبتعد، لم يتضايق... بل بالعكس.
      
      مرر يده على شعرها بحنان غير متوقع، ثم همس لها بصوت دافئ، قوي لكنه مطمئن:
      
      "لا تبكي على الحثالة، صغيرتي... كلهم حثالة."
      
      شدها أكثر إلى صدره، وكأنه يريد أن يحميها من كل ما آلمها.
      
      "ألم تخبركِ والدتكِ من قبل؟ قالت لكِ إنكِ قوية، شجاعة... قالت لكِ ألا تدعي أحدًا يكسرُكِ، أليس كذلك؟"
      
      تشنجت أماليا عند ذكر والدتها، وتدفقت المزيد من الدموع من عينيها المتورمتين.
      
      "انظري إلي، صغيرتي..." أمسك سايلوس وجهها بلطف، رفع ذقنها ليجبرها على النظر في عينيه.
      
      "إن كنتِ تعتقدين أنه لا أحد يهتم بكِ... فأنتِ مخطئة."
      
      نظرت إليه أماليا، عيناها الواسعتان كانتا مليئتين بالحزن، لكنها رأت فيه شيئًا لم تجده من قبل...
      
      الدفء. الحنان. الاهتمام.
      
      "أنا هنا." تابع بصوت هادئ لكنه قاطع. "أنا، أملاكك، حراسي... كل شيء بين يديكِ. أنتِ ملكي... وأنا ملككِ."
      
      توقف لوهلة، ثم أضاف ببطء، نبرته خطيرة، لكنها مغرية بطريقة غريبة:
      
      "إن كنتِ تريدين قتلهم جميعًا، فقط أشيري بيدكِ الجميلة تلك..."
      
      أمسك يدها المرتعشة، ورفعها نحو شفتيه، ثم طبع قبلة لطيفة على ظهرها.
      
      تسارعت أنفاس أماليا، ولم تعرف كيف ترد. نظرت إليه، عيناها المنتفختان تبحثان عن إجابة، عن تفسير لهذا الدفء الغريب الذي تشعر به.
      
      كان سايلوس... مختلفًا.
      
      كان خطيرًا، لكنه كان الشخص الوحيد الذي شعرت معه بالأمان.
      
      

      رواية اسطورة الملك الاسود - الفصل السادس

      اسطورة الملك الاسود 6

      2025, سما أحمد

      رواية فانتازيا

      مجانا

      في عالم خيالي غامض، تجد ليان نفسها داخل جسد الملك الأسود، إسكاي، بعد حادثة غامضة. وسط صراعات القصر والسياسة، تتولد مشاعر معقدة بينها وبين الملك الحقيقي، الذي يجب أن يتزوجها لاستعادة جسده. بينما يتصارع الماضي والمصير، تُختبر قوة الحب والقدر في رحلة مليئة بالمغامرات والخداع.

      ليان

      تجد نفسها فجأة في جسد الملك الأسود، تحاول التكيف مع هذا الوضع الغريب

      لورين

      والدة ليان، امرأة قوية وذكية، تحاول فهم ما حدث لابنتها وحمايتها.

      الساحرة العجوز

      شخصية غامضة تلعب دورًا محوريًا في تبادل الأرواح، وتمتلك أسرارًا تغير مسار الأحداث.
      تم نسخ الرابط
      اسطورة الملك الاسود

      فى القصر
      
      جمعت ليان الفواكه المتساقطة وساعدت العجوز على الوقوف مجددًا. قبل أن تهم بالكلام، نادى ليو الحراس لمساعدة الخادمة العجوز.
      
      اقترب الحراس وأخذوا العجوز بعيدًا عن المكان، بينما أمسك ليو بيد ليان وسحبها بسرعة خلفه، متجنبًا أن يراهم أحد.
      
      توقف فجأة ونظر إليها بحدة، صوته منخفض لكن غاضب:
      
      هل فقدتِ عقلكِ؟ كنتِ تلعبين دوركِ جيدًا وكدنا ندخل الغرفة بنجاح. لماذا قمتِ بهذا التصرف؟!
      
      نظرت إليه ليان بعينين ثابتتين، صوتها هادئ لكن حازم:
      
      لماذا تصرخ علي؟ لم أفعل شيئًا خاطئًا. فقط ساعدتها. لو كان الملك مكاني، كان سيفعل الشيء نفسه.
      رد عليها ليو بتهكم:
      
      الملك؟ لا، لن يفعل. كان سيطردها من القصر فورًا، دون أن ينحني لأي شخص. هذا هو الملك.
      
      ساد صمت قصير بينهما، نظرت ليان إلى ليو وكأنها تريد الرد، لكنها تراجعت. كان قلبها يصر على أن الخير لا يجب أن يُخفيه أحد، لكن عقلها كان يدرك أن القصر لا يحتمل ضعفًا كهذا.
      
      قالت ليان بنبرة مملة:
      "حسنًا، دعني من هذا... أين غرفتي؟"
      
      رد ليو مستغربًا:
      "غرفتك؟ آه، هل تقصدين غرفة الملك؟"
      
      نظرت إليه بعدم تصديق وقالت:
      "ماذا؟ هل تعني أنني سأجلس في غرفة الملك؟ أووه..."
      
      قال ليو بنفاد صبر:
      "هيا بنا إلى غرفة جلالته."
      
      تحركوا جميعًا نحو الغرفة، حتى وصلوا إلى باب أسود ضخم عليه نقوش غريبة لم تستطع ليان فهمها. فتح ليو الباب، وتسللت الدهشة إلى وجه ليان:
      "جميلة!..."
      
      توقفت للحظة، ثم أكملت وهي غير مصدقة:
      "لكنها متواضعة... إنها مختلفة عن توقعاتي. ليست فاخرة."
      
      سألها ليو بهدوء:
      "وماذا كنتِ تتوقعين؟"
      
      أجابت وهي تتفحص الغرفة:
      "ظننت أنها ستكون مصنوعة من الذهب أو مليئة بالأشياء الثمينة، لكنها عكس ذلك تمامًا."
      
      ابتسم ليو بخفة وقال:
      "الملك لا يحب التفاخر. إنه متواضع جدًا، لكن قلة فقط تدرك ذلك."
      
      ليان قالت بغضب شديد وهي تنظر إلى ليو: "لعنة عليك وعلى ملكك هذا الأحمق! هو يتفاخر بقدرته الخارقة وليس بما يملك من ذهب أو ملابس! هل تصدقون هذا؟"
      
      رد ليو بجدية، دون أن يخفى على ملامحه استهزاءه: "ليان، بصدق، أليس له الحق في التفاخر؟"
      
      غضبها تزايد، وأجابت دون تردد: "لعنته عليك وعلى ملكك، لا أستطيع تحمله!..."
      
      ابتسم ليو ابتسامة خفيفة، مليئة بالاستفزاز وقال: "تخيلي لو سمعك الملك، ماذا سيفعل؟"
      
      ليان نظرت إليه بابتسامة مليئة بالاستفزاز، وقالت ببرود: "عزيزي، أنا أستغل الفرصة، بما أن الملك غير موجود هنا."
      
      ثم توقفت ليان فجأة، وأكملت كلامها، وقد بدا الجديّة واضحة في نبرتها: "هيا، اخرج من هنا. أريد الاستحمام. اه، قبل أن تخرج، أين الملابس التي يجب أن أرتديها؟"
      
      اتجه ليو نحو الخزانة الضخمة التي تحتوي على ملابس الملك، وقال وهو يفتحها: "هذه هي الملابس."
      
      نظرت ليان إلى الملابس في فزع ورفض: "أتتركني أرتدي تلك الملابس؟ إنها بشعة! انظر إلى تلك الألوان! ما هذا؟ يا إلهي!"
      
      ليو نظر إليها وهو يرفع حاجبه بتململ وقال، وقد بدا غير صبور: "ليان، استمعي جيدًا. أنتِ الآن في جسد الملك الأسود، لذا أصبحتِ ملك إسكاى مؤقتًا. هل كنتِ تتصورين أن الملك الأسود سيرتدي الأحمر أو الأخضر أو الأبيض؟ استمعي لي جيدًا، أنتِ بالأصل لن تخرجي من الغرفة لمدة أسبوعين حتى يتم الزفاف، لذلك افعلي ما تشائين. ليس لي دخل بك."
      
      انتهى كلامه بصراخ عليها وترك الغرفة، تاركًا ليان واقفة مصدومة. كانت كلمات ليو موجعة، وحركت في نفسها تساؤلات عديدة.
      
      قالت مستغربة: "ماذا حدث له؟ ماذا فعلت؟ كيف وقعت مع هؤلاء المجانين؟"
      
      بعد لحظة من التفكير، أخذت ليان أي ملابس من الخزانة، ثم اتجهت نحو الحمام. عندما دخلت، كانت متفاجئة من فخامة الحمام.
      
      "رائع، إنه جميل جدًا!" قالت ليان متفاجئة. ثم تذكرت فجأة أنها في جسد إسكاى. همست بصدمه: "لحظة، كيف سأخلع تلك الملابس؟"
      
      قررت أن تستحم بملابسها الداخلية فقط. نزعت كل شيء ما عدا ملابسها الداخلية، ثم نظرت إلى جسد إسكاى بإعجاب شديد.
      
      "جميل! جسده رائع! لكن عقله ليس في حالة جيدة." قالت ليان، بينما كانت تلمس عضلات بطنه وكتفه بإعجاب.
      
      ثم تذكرت الوعد الذي قطعته لإسكاى: أن لا تنظر إلى جسده مقابل أن لا ينظر إلى جسدها. عبست وقالت في نفسها: "لماذا قلت ذلك؟ هذا غباء! لكن لا يهم الآن، هي بنا إلى هذا الجمال!"
      
      أشارت إلى الحمام، ثم بدأت في الاستحمام. أخذت وقتًا طويلاً جدًا في الاستحمام، وكأنها كانت تستمتع بكل لحظة فيه.
      
      بعد أن انتهت من الاستحمام، ارتدت ملابسها ودخلت إلى سرير الملك. استلقت عليه بكل راحة، وغرقت في عالم الأحلام، متناسية كل ما حدث.
      
      عند اسكاى و ام ليان
      
      وقف إسكاي بلا أي أثر للدهشة، كأنه لم يسمع شيئًا يستحق الاهتمام. تحرك نحو أقرب كرسي وجلس عليه بوقار ملكي، رغم أن جسد ليان لم يكن يساعده، لكن روح الملك داخله فرضت حضورها. وضع قدمًا فوق الأخرى، بينما وقفت لورين أمامه، غير مصدقة ما تراه.
      
      نظر إسكاي إليها مباشرة، بعينين خاليتين من أي مشاعر، وقال بصوت هادئ، يكاد يكون ساخرًا:
      "يقال إن الأم تعرف أبناءها دون الحاجة إلى دليل، لكن يبدو أن هذه ليست مجرد وهم ."
      
      ابتسم ابتسامة خفيفة، مليئة بالثقة والبرود، قبل أن يكمل:
      "أنتِ على حق، أنا لست ابنتكِ، ولن أكون يومًا كذلك."
      
      اتسعت عينا لورين، وملامح الحزن تسللت إلى وجهها رغم محاولتها إخفاءها. صوتها خرج متحشرجًا وهي تسأل بقلق:
      "إذن من أنت؟ وأين ابنتي؟ ماذا حدث؟ أخبرني الآن!"
      
      أسند إسكاي يده على الطاولة بجانبه، بينما الأخرى بقيت مسترخية على ركبته. لمعت عيناه ببرود وهو يجيب:
      "أنتِ كثيرة الأسئلة، مثل ابنتكِ تمامًا... لكن لا بأس، سأجيبك، ليس لأنني ملزم بذلك، بل لأنني أكره الإلحاح."
      
      أشار لها بالجلوس، فأطاعت بصمت، رغم اضطرابها. بدأ إسكاي يروي ما حدث بالتفصيل، وكلما تقدم في الحديث، ازدادت ملامح لورين ذهولًا وخوفًا. وضعت يدها على فمها، والدموع تجمعت في عينيها قبل أن تنهار تمامًا. ارتجف جسدها وهي تبكي بحرقة، وكأنها تستوعب لأول مرة المصيبة التي حلت بابنتها.
      
      كان إسكاي يراقبها بملل وضيق. زفر بضجر، وتمتم في نفسه:
      "يا لهذه العائلة العاطفية! لمَ كل هذا الحزن؟ في أي ورطة أوقعتُ نفسي؟ كان عليّ أن أتجاهل إحساسي اللعين يوم ذهبت إلى ذلك الجبل."
      
      أفاق من أفكاره عندما سمع بكاءها يزداد. زفر مجددًا، ثم قال بصوت حازم:
      "توقفي عن البكاء، يا سيدتي. سأجد حلًا قريبًا جدًا."
      
      رفعت لورين رأسها سريعًا، وملامح الأمل امتزجت بالحيرة:
      "حقًا؟ كيف؟"
      
      تنهد إسكاي، وألقى نظرة جانبية قبل أن يقول بجفاف:
      "سأتزوج ابنتك."
      
      شهقت لورين، وكأنها لم تصدق ما سمعته:
      "ماذا؟!"
      
      رفع إسكاي حاجبه باستغراب:
      "نعم، هل هذا غريب؟"
      
      تأملته بقلق، وكأنها تحاول فهم نواياه. ثم قالت بحذر:
      "وأبعد أن تحل المشكلة؟ ماذا سيحدث لابنتي؟ هل ستبقى زوجتك؟"
      
      نظر إليها بصمت، عقله يعمل بسرعة. لم يكن قد فكر في هذه الجزئية. كيف يخبرها أنه خطط لإنهاء حياة ليان بعد أن ينتهي كل شيء؟ تخيل للحظة رأسها معلقًا على بوابة المملكة، لكنه بالطبع لا يستطيع قول ذلك.
      
      أخفى أفكاره، ورفع كتفيه بلامبالاة:
      "ماذا سأفعل بها؟"
      
      ضاقت عينا لورين وهي تكرر السؤال بحزم:
      "هل ستبقى زوجتك بعد انتهاء كل شيء؟"
      
      تأملها للحظات، ثم قال بصوت ثابت، دون تردد:
      "أجل، ستكون زوجتي، ولن أتخلى عنها."
      
      تنفست لورين الصعداء، ثم نظرت إليه بامتنان:
      "أرجوك، اعتنِ بها جيدًا. إنها طيبة القلب، رغم أنها حمقاء أحيانًا، وعنيدة لا تسمع الكلام. لكنها ستخاف منك وتحترمك كملك وزوج."
      
      تذكر إسكاي كيف كانت تستهزئ به في الغابة، كيف تعاملت معه بلا أدنى احترام، وكيف تحدته بلا خوف. شعر بانزعاج داخلي، لكنه أخفى ذلك، واكتفى بتحريك رأسه ببطء لإبعاد الذكرى.
      
      قالت لورين بعد لحظة صمت:
      "ومتى سيتم الزواج؟"
      
      عدل إسكاي جلسته، وقال بجدية:
      "بعد أسبوعين."
      
      شهقت لورين:
      "بتلك السرعة؟! وكيف سيتم ذلك؟"
      
      وقف إسكاي من مكانه، وأجاب بملل:
      "لا تقلقي، سأتولى الأمر. حارسي الشخصي، ليو، سيهتم بكل التفاصيل."
      
      ثم استدار وخرج، تاركًا لورين في دوامة من الحيرة والقلق.
      
      دخل غرفة ليان، وألقى بنفسه على سريرها، عينيه معلقتان بالسقف، ملامحه مليئة بالكآبة.
      
      همس بصوت منخفض، وكأنه يحدث نفسه:
      "كيف وجدتُ نفسي في هذه الفوضى؟ هذه العائلة مجنونة... يا ليتني لم أذهب لذلك الجبل، كنت أعرف أن شيئًا سيئًا سيحدث، لكن ليس إلى هذا الحد."
      
      زفر بضيق، ثم عض على شفتيه بغضب وهو يضرب السرير بقبضته:
      "كل هذا بسبب تلك الحمقاء الحمراء! اللعنة عليها وعلى عائلتها كلها! أقسم أني سأحبسكِ، ليان، وسأجعلكِ تندمين على كل لحظة جعلتِني أعيش فيها هذه الفوضى!"
      صرخ بشدة، كانت صرخاته تتردد في الغرفة المظلمة، محطمة سكون الليل. تراجعت مشاعره المتضاربة، بينما كان يعاني من الفوضى التي عاشت داخل عقله طوال الوقت. أخذ نفسًا عميقًا، يحاول أن يهدئ من نفسه، لكن الكلمات التي خرجت منه كانت كافية لتسرب الارتباك إلى قلبه.
      لم يكن لديه الوقت للتفكير في ما قاله أو كيف وصل إلى هذه اللحظة. غلبه الإرهاق العقلي، فاستلقى على السرير، يحاول النوم، وإن كان عقله مشغولًا بكل شيء حوله.
      
      عينيه مغلقتان، لكنه لم يجد الراحة. تفكيره لم يتوقف عن الدوران، وكل شيء بدا وكأنما يسير في اتجاه لا يمكنه الهروب منه.
      
      "هل حقًا وصلت لهذا الحد؟" همس لنفسه، مستسلمًا للنوم الذي كان يرفض أن يأتي.
      
      ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
      في مكان بعيد، حيث يلتقي الليل بالظلام، كان هناك كوخ قديم جداً وسط غابة كثيفة، مظلمة إلى حد أن الضوء لم يكن ليخترقها. الأشجار العتيقة تتشابك مع بعضها، تنبعث منها أصوات كأنها أنين شجاع مفقود. داخل الكوخ، كانت ساحرة عجوز تجلس على كرسي خشبي مهدم. أمامها، على الطاولة الخشبية المتهالكة، جلست بومة غريبة، عيونها اللامعة تراقب الساحرة كما لو كانت تتحدث إليها بصمت. العجوز، عميقة النظر في عينيها، بدت وكأنها تصغي لكل كلمة تنطق بها البومة رغم أنها لم تفتح فمها.
      
      بعد لحظات، نهضت العجوز ببطء، وخرجت من الكوخ. نظرت إلى السماء السوداء الكاحلة، حيث كانت الغيوم تغطي القمر. رفعت يديها وأطلقت ابتسامة غامضة ومربكة على وجهها.
      
      "إنه دوري الآن، أيها الملك الأسود. لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد... إلى الملك الأسود."
      
      رفعت رأسها إلى السماء، وتُصدر صوتاً خافتاً من فمها، كأنها تصدح بحزن مزيف: (تؤتؤتؤ... تؤتؤتؤ). مع كل نغمة، كانت الرياح تعصف من حولها، وكأن الطبيعة تستجيب لها.
      
      ثم، رفعت يديها مجددًا، ودعوت الغربان، التي كانت تحوم في الظلام. بأعينهم الحادة وأجنحتهم التي تحركت كظل قاتم، بدأوا في التجمع حولها.
      
      "راقبوا كل شيء... لن تفلتوا من هذا المراقب."
      
      الغربان، كما لو كانوا جزءاً من الحلم، انتشروا في الهواء، متجهين نحو الأماكن التي لا يمكن للعين البشرية الوصول إليها. كانت الساحرة قد بدأت في لعب دورها في لعبة أكبر بكثير من أي شيء قد يتخيله عقل بشري.
      
      ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
      وكانت تلك بداية القصة الجميلة، حيث بدأت الأحداث الرومانسية والمفرحة التي جمعت بين اسكاى وليان معًا.
      
      هل سيحبان بعضهما كما يحدث في الروايات؟
      هل ستكون النهاية كما يتمنى كل عاشق؟
      هل ستعود الأرواح إلى مكانها كما كانت؟
      هل سيحب الملك ليان حقًا، أم كما قال سيقطع رأسها؟
      هل سيقع في حب تلك الحمراء؟
      هل سيقبل القدر الذي جمعهما معًا؟
      
      كما قال العظماء:
      
      "الحب لا يُرى بالعيون... بل يُحس بالقلب."
      "أنتِ البداية التي لا نهاية لها، والحلم الذي لا أريد أن أستيقظ منه."
      "كلما نظرتُ إليكِ، شعرتُ أنني أعيش للمرة الأولى."
      "في حضوركِ، يصبح العالم قصيدة حب، تُكتب بأنفاس العاشقين."
      
      🌹 إذا، تلك هي بداية العشق والمرح، وبداية الفتاة المنشودة، أسطورة الحمراء، وأسطورة الملك الأسود. 🌹
      وحد الله ♥
      the endفى القصر
      
      
      
      
      
      
      جمعت ليان الفواكه المتساقطة وساعدت العجوز على الوقوف مجددًا. قبل أن تهم بالكلام، نادى ليو الحراس لمساعدة الخادمة العجوز.
      
      اقترب الحراس وأخذوا العجوز بعيدًا عن المكان، بينما أمسك ليو بيد ليان وسحبها بسرعة خلفه، متجنبًا أن يراهم أحد.
      
      توقف فجأة ونظر إليها بحدة، صوته منخفض لكن غاضب:
      
      هل فقدتِ عقلكِ؟ كنتِ تلعبين دوركِ جيدًا وكدنا ندخل الغرفة بنجاح. لماذا قمتِ بهذا التصرف؟!
      
      نظرت إليه ليان بعينين ثابتتين، صوتها هادئ لكن حازم:
      
      لماذا تصرخ علي؟ لم أفعل شيئًا خاطئًا. فقط ساعدتها. لو كان الملك مكاني، كان سيفعل الشيء نفسه.
      رد عليها ليو بتهكم:
      
      الملك؟ لا، لن يفعل. كان سيطردها من القصر فورًا، دون أن ينحني لأي شخص. هذا هو الملك.
      
      ساد صمت قصير بينهما، نظرت ليان إلى ليو وكأنها تريد الرد، لكنها تراجعت. كان قلبها يصر على أن الخير لا يجب أن يُخفيه أحد، لكن عقلها كان يدرك أن القصر لا يحتمل ضعفًا كهذا.
      
      قالت ليان بنبرة مملة:
      "حسنًا، دعني من هذا... أين غرفتي؟"
      
      رد ليو مستغربًا:
      "غرفتك؟ آه، هل تقصدين غرفة الملك؟"
      
      نظرت إليه بعدم تصديق وقالت:
      "ماذا؟ هل تعني أنني سأجلس في غرفة الملك؟ أووه..."
      
      قال ليو بنفاد صبر:
      "هيا بنا إلى غرفة جلالته."
      
      تحركوا جميعًا نحو الغرفة، حتى وصلوا إلى باب أسود ضخم عليه نقوش غريبة لم تستطع ليان فهمها. فتح ليو الباب، وتسللت الدهشة إلى وجه ليان:
      "جميلة!..."
      
      توقفت للحظة، ثم أكملت وهي غير مصدقة:
      "لكنها متواضعة... إنها مختلفة عن توقعاتي. ليست فاخرة."
      
      سألها ليو بهدوء:
      "وماذا كنتِ تتوقعين؟"
      
      أجابت وهي تتفحص الغرفة:
      "ظننت أنها ستكون مصنوعة من الذهب أو مليئة بالأشياء الثمينة، لكنها عكس ذلك تمامًا."
      
      ابتسم ليو بخفة وقال:
      "الملك لا يحب التفاخر. إنه متواضع جدًا، لكن قلة فقط تدرك ذلك."
      
      ليان قالت بغضب شديد وهي تنظر إلى ليو: "لعنة عليك وعلى ملكك هذا الأحمق! هو يتفاخر بقدرته الخارقة وليس بما يملك من ذهب أو ملابس! هل تصدقون هذا؟"
      
      رد ليو بجدية، دون أن يخفى على ملامحه استهزاءه: "ليان، بصدق، أليس له الحق في التفاخر؟"
      
      غضبها تزايد، وأجابت دون تردد: "لعنته عليك وعلى ملكك، لا أستطيع تحمله!..."
      
      ابتسم ليو ابتسامة خفيفة، مليئة بالاستفزاز وقال: "تخيلي لو سمعك الملك، ماذا سيفعل؟"
      
      ليان نظرت إليه بابتسامة مليئة بالاستفزاز، وقالت ببرود: "عزيزي، أنا أستغل الفرصة، بما أن الملك غير موجود هنا."
      
      ثم توقفت ليان فجأة، وأكملت كلامها، وقد بدا الجديّة واضحة في نبرتها: "هيا، اخرج من هنا. أريد الاستحمام. اه، قبل أن تخرج، أين الملابس التي يجب أن أرتديها؟"
      
      اتجه ليو نحو الخزانة الضخمة التي تحتوي على ملابس الملك، وقال وهو يفتحها: "هذه هي الملابس."
      
      نظرت ليان إلى الملابس في فزع ورفض: "أتتركني أرتدي تلك الملابس؟ إنها بشعة! انظر إلى تلك الألوان! ما هذا؟ يا إلهي!"
      
      ليو نظر إليها وهو يرفع حاجبه بتململ وقال، وقد بدا غير صبور: "ليان، استمعي جيدًا. أنتِ الآن في جسد الملك الأسود، لذا أصبحتِ ملك إسكاى مؤقتًا. هل كنتِ تتصورين أن الملك الأسود سيرتدي الأحمر أو الأخضر أو الأبيض؟ استمعي لي جيدًا، أنتِ بالأصل لن تخرجي من الغرفة لمدة أسبوعين حتى يتم الزفاف، لذلك افعلي ما تشائين. ليس لي دخل بك."
      
      انتهى كلامه بصراخ عليها وترك الغرفة، تاركًا ليان واقفة مصدومة. كانت كلمات ليو موجعة، وحركت في نفسها تساؤلات عديدة.
      
      قالت مستغربة: "ماذا حدث له؟ ماذا فعلت؟ كيف وقعت مع هؤلاء المجانين؟"
      
      بعد لحظة من التفكير، أخذت ليان أي ملابس من الخزانة، ثم اتجهت نحو الحمام. عندما دخلت، كانت متفاجئة من فخامة الحمام.
      
      "رائع، إنه جميل جدًا!" قالت ليان متفاجئة. ثم تذكرت فجأة أنها في جسد إسكاى. همست بصدمه: "لحظة، كيف سأخلع تلك الملابس؟"
      
      قررت أن تستحم بملابسها الداخلية فقط. نزعت كل شيء ما عدا ملابسها الداخلية، ثم نظرت إلى جسد إسكاى بإعجاب شديد.
      
      "جميل! جسده رائع! لكن عقله ليس في حالة جيدة." قالت ليان، بينما كانت تلمس عضلات بطنه وكتفه بإعجاب.
      
      ثم تذكرت الوعد الذي قطعته لإسكاى: أن لا تنظر إلى جسده مقابل أن لا ينظر إلى جسدها. عبست وقالت في نفسها: "لماذا قلت ذلك؟ هذا غباء! لكن لا يهم الآن، هي بنا إلى هذا الجمال!"
      
      أشارت إلى الحمام، ثم بدأت في الاستحمام. أخذت وقتًا طويلاً جدًا في الاستحمام، وكأنها كانت تستمتع بكل لحظة فيه.
      
      بعد أن انتهت من الاستحمام، ارتدت ملابسها ودخلت إلى سرير الملك. استلقت عليه بكل راحة، وغرقت في عالم الأحلام، متناسية كل ما حدث.
      
      عند اسكاى و ام ليان
      
      وقف إسكاي بلا أي أثر للدهشة، كأنه لم يسمع شيئًا يستحق الاهتمام. تحرك نحو أقرب كرسي وجلس عليه بوقار ملكي، رغم أن جسد ليان لم يكن يساعده، لكن روح الملك داخله فرضت حضورها. وضع قدمًا فوق الأخرى، بينما وقفت لورين أمامه، غير مصدقة ما تراه.
      
      نظر إسكاي إليها مباشرة، بعينين خاليتين من أي مشاعر، وقال بصوت هادئ، يكاد يكون ساخرًا:
      "يقال إن الأم تعرف أبناءها دون الحاجة إلى دليل، لكن يبدو أن هذه ليست مجرد وهم ."
      
      ابتسم ابتسامة خفيفة، مليئة بالثقة والبرود، قبل أن يكمل:
      "أنتِ على حق، أنا لست ابنتكِ، ولن أكون يومًا كذلك."
      
      اتسعت عينا لورين، وملامح الحزن تسللت إلى وجهها رغم محاولتها إخفاءها. صوتها خرج متحشرجًا وهي تسأل بقلق:
      "إذن من أنت؟ وأين ابنتي؟ ماذا حدث؟ أخبرني الآن!"
      
      أسند إسكاي يده على الطاولة بجانبه، بينما الأخرى بقيت مسترخية على ركبته. لمعت عيناه ببرود وهو يجيب:
      "أنتِ كثيرة الأسئلة، مثل ابنتكِ تمامًا... لكن لا بأس، سأجيبك، ليس لأنني ملزم بذلك، بل لأنني أكره الإلحاح."
      
      أشار لها بالجلوس، فأطاعت بصمت، رغم اضطرابها. بدأ إسكاي يروي ما حدث بالتفصيل، وكلما تقدم في الحديث، ازدادت ملامح لورين ذهولًا وخوفًا. وضعت يدها على فمها، والدموع تجمعت في عينيها قبل أن تنهار تمامًا. ارتجف جسدها وهي تبكي بحرقة، وكأنها تستوعب لأول مرة المصيبة التي حلت بابنتها.
      
      كان إسكاي يراقبها بملل وضيق. زفر بضجر، وتمتم في نفسه:
      "يا لهذه العائلة العاطفية! لمَ كل هذا الحزن؟ في أي ورطة أوقعتُ نفسي؟ كان عليّ أن أتجاهل إحساسي اللعين يوم ذهبت إلى ذلك الجبل."
      
      أفاق من أفكاره عندما سمع بكاءها يزداد. زفر مجددًا، ثم قال بصوت حازم:
      "توقفي عن البكاء، يا سيدتي. سأجد حلًا قريبًا جدًا."
      
      رفعت لورين رأسها سريعًا، وملامح الأمل امتزجت بالحيرة:
      "حقًا؟ كيف؟"
      
      تنهد إسكاي، وألقى نظرة جانبية قبل أن يقول بجفاف:
      "سأتزوج ابنتك."
      
      شهقت لورين، وكأنها لم تصدق ما سمعته:
      "ماذا؟!"
      
      رفع إسكاي حاجبه باستغراب:
      "نعم، هل هذا غريب؟"
      
      تأملته بقلق، وكأنها تحاول فهم نواياه. ثم قالت بحذر:
      "وأبعد أن تحل المشكلة؟ ماذا سيحدث لابنتي؟ هل ستبقى زوجتك؟"
      
      نظر إليها بصمت، عقله يعمل بسرعة. لم يكن قد فكر في هذه الجزئية. كيف يخبرها أنه خطط لإنهاء حياة ليان بعد أن ينتهي كل شيء؟ تخيل للحظة رأسها معلقًا على بوابة المملكة، لكنه بالطبع لا يستطيع قول ذلك.
      
      أخفى أفكاره، ورفع كتفيه بلامبالاة:
      "ماذا سأفعل بها؟"
      
      ضاقت عينا لورين وهي تكرر السؤال بحزم:
      "هل ستبقى زوجتك بعد انتهاء كل شيء؟"
      
      تأملها للحظات، ثم قال بصوت ثابت، دون تردد:
      "أجل، ستكون زوجتي، ولن أتخلى عنها."
      
      تنفست لورين الصعداء، ثم نظرت إليه بامتنان:
      "أرجوك، اعتنِ بها جيدًا. إنها طيبة القلب، رغم أنها حمقاء أحيانًا، وعنيدة لا تسمع الكلام. لكنها ستخاف منك وتحترمك كملك وزوج."
      
      تذكر إسكاي كيف كانت تستهزئ به في الغابة، كيف تعاملت معه بلا أدنى احترام، وكيف تحدته بلا خوف. شعر بانزعاج داخلي، لكنه أخفى ذلك، واكتفى بتحريك رأسه ببطء لإبعاد الذكرى.
      
      قالت لورين بعد لحظة صمت:
      "ومتى سيتم الزواج؟"
      
      عدل إسكاي جلسته، وقال بجدية:
      "بعد أسبوعين."
      
      شهقت لورين:
      "بتلك السرعة؟! وكيف سيتم ذلك؟"
      
      وقف إسكاي من مكانه، وأجاب بملل:
      "لا تقلقي، سأتولى الأمر. حارسي الشخصي، ليو، سيهتم بكل التفاصيل."
      
      ثم استدار وخرج، تاركًا لورين في دوامة من الحيرة والقلق.
      
      دخل غرفة ليان، وألقى بنفسه على سريرها، عينيه معلقتان بالسقف، ملامحه مليئة بالكآبة.
      
      همس بصوت منخفض، وكأنه يحدث نفسه:
      "كيف وجدتُ نفسي في هذه الفوضى؟ هذه العائلة مجنونة... يا ليتني لم أذهب لذلك الجبل، كنت أعرف أن شيئًا سيئًا سيحدث، لكن ليس إلى هذا الحد."
      
      زفر بضيق، ثم عض على شفتيه بغضب وهو يضرب السرير بقبضته:
      "كل هذا بسبب تلك الحمقاء الحمراء! اللعنة عليها وعلى عائلتها كلها! أقسم أني سأحبسكِ، ليان، وسأجعلكِ تندمين على كل لحظة جعلتِني أعيش فيها هذه الفوضى!"
      صرخ بشدة، كانت صرخاته تتردد في الغرفة المظلمة، محطمة سكون الليل. تراجعت مشاعره المتضاربة، بينما كان يعاني من الفوضى التي عاشت داخل عقله طوال الوقت. أخذ نفسًا عميقًا، يحاول أن يهدئ من نفسه، لكن الكلمات التي خرجت منه كانت كافية لتسرب الارتباك إلى قلبه.
      لم يكن لديه الوقت للتفكير في ما قاله أو كيف وصل إلى هذه اللحظة. غلبه الإرهاق العقلي، فاستلقى على السرير، يحاول النوم، وإن كان عقله مشغولًا بكل شيء حوله.
      
      عينيه مغلقتان، لكنه لم يجد الراحة. تفكيره لم يتوقف عن الدوران، وكل شيء بدا وكأنما يسير في اتجاه لا يمكنه الهروب منه.
      
      "هل حقًا وصلت لهذا الحد؟" همس لنفسه، مستسلمًا للنوم الذي كان يرفض أن يأتي.
      
      ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
      في مكان بعيد، حيث يلتقي الليل بالظلام، كان هناك كوخ قديم جداً وسط غابة كثيفة، مظلمة إلى حد أن الضوء لم يكن ليخترقها. الأشجار العتيقة تتشابك مع بعضها، تنبعث منها أصوات كأنها أنين شجاع مفقود. داخل الكوخ، كانت ساحرة عجوز تجلس على كرسي خشبي مهدم. أمامها، على الطاولة الخشبية المتهالكة، جلست بومة غريبة، عيونها اللامعة تراقب الساحرة كما لو كانت تتحدث إليها بصمت. العجوز، عميقة النظر في عينيها، بدت وكأنها تصغي لكل كلمة تنطق بها البومة رغم أنها لم تفتح فمها.
      
      بعد لحظات، نهضت العجوز ببطء، وخرجت من الكوخ. نظرت إلى السماء السوداء الكاحلة، حيث كانت الغيوم تغطي القمر. رفعت يديها وأطلقت ابتسامة غامضة ومربكة على وجهها.
      
      "إنه دوري الآن، أيها الملك الأسود. لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد... إلى الملك الأسود."
      
      رفعت رأسها إلى السماء، وتُصدر صوتاً خافتاً من فمها، كأنها تصدح بحزن مزيف: (تؤتؤتؤ... تؤتؤتؤ). مع كل نغمة، كانت الرياح تعصف من حولها، وكأن الطبيعة تستجيب لها.
      
      ثم، رفعت يديها مجددًا، ودعوت الغربان، التي كانت تحوم في الظلام. بأعينهم الحادة وأجنحتهم التي تحركت كظل قاتم، بدأوا في التجمع حولها.
      
      "راقبوا كل شيء... لن تفلتوا من هذا المراقب."
      
      الغربان، كما لو كانوا جزءاً من الحلم، انتشروا في الهواء، متجهين نحو الأماكن التي لا يمكن للعين البشرية الوصول إليها. كانت الساحرة قد بدأت في لعب دورها في لعبة أكبر بكثير من أي شيء قد يتخيله عقل بشري.
      
      ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
      وكانت تلك بداية القصة الجميلة، حيث بدأت الأحداث الرومانسية والمفرحة التي جمعت بين اسكاى وليان معًا.
      
      هل سيحبان بعضهما كما يحدث في الروايات؟
      هل ستكون النهاية كما يتمنى كل عاشق؟
      هل ستعود الأرواح إلى مكانها كما كانت؟
      هل سيحب الملك ليان حقًا، أم كما قال سيقطع رأسها؟
      هل سيقع في حب تلك الحمراء؟
      هل سيقبل القدر الذي جمعهما معًا؟
      
      كما قال العظماء:
      
      "الحب لا يُرى بالعيون... بل يُحس بالقلب."
      "أنتِ البداية التي لا نهاية لها، والحلم الذي لا أريد أن أستيقظ منه."
      "كلما نظرتُ إليكِ، شعرتُ أنني أعيش للمرة الأولى."
      "في حضوركِ، يصبح العالم قصيدة حب، تُكتب بأنفاس العاشقين."
      
      🌹 إذا، تلك هي بداية العشق والمرح، وبداية الفتاة المنشودة، أسطورة الحمراء، وأسطورة الملك الأسود. 🌹
      وحد الله ♥
      the end
      
      
      رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي