طلب الزواج - اسطوره الملك الأسود

طلب الزواج

2025, سما أحمد

رومانسية

مجانا

في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.

......

......
تم نسخ الرابط
اسطورة الملك الاسود

 بعد اسبوع

داخل القصر الملكي

وقف ليو أمام باب الغرفة الملكية التي تنام فيها ليان. طرق الباب مرة، لم يسمع ردًا. طرق مجددًا، لكن نفس الصمت كان جوابه. زفر بضيق، لم يكن يملك الوقت لهذا. فتح الباب ودخل إلى الغرفة.

ليان كانت نائمة بعمق، وكأنها في عالم آخر.

تحرك ليو بسرعة نحو الخزانة الملكية، أخرج رداءً ملكيًا مناسبًا للمناسبة المهمة التي جاء من أجلها. جهز الحمام بسرعة، ولم ينسَ تحضير كل شيء لتكون جاهزة في أسرع وقت. رغم كل الضوضاء التي أحدثها، لم تتحرك ليان من مكانها ولو قليلًا.

أخيرًا، اقترب منها، انحنى قليلًا وربت على كتفها بلطف لكنه تحدث بصوت جاد:

— "ليان، استيقظي بسرعة! جلالة الملك بانتظارنا."

تنهدت ليان بكسل وهي تتمدد قليلًا، فتحت عينيها بتثاقل، لتجد وجه ليو أمامها مباشرة.

صرخت بأعلى صوتها، لكن المفاجأة لم تكن في الصرخة نفسها، بل في الصوت الذي خرج منها… كان صوت اسكاي!

ليو أغلق أذنيه فورًا، وكأنه كان يتوقع هذا، وقال بملل:

— "هذا يحدث كل صباح…"

ثم دون أن ينتظر أي كلمة أخرى، أمسك اللحاف وسحبه عنها:

— "هل انتهيتِ؟ لا تنسي أنكِ في جسد الملك."

نظرت له ليان بارتباك وقالت بهدوء:

— "أعلم، لكن لم أعتد على الأمر بعد."

لوّح ليو بيده بلامبالاة:

— "ستعتادين، لا تقلقي. والآن كفانا كلامًا! إلى الحمام فورًا، لدينا أمر مهم جدًا."

نظرت له ليان بارتباك وسألت:

— "ما هو؟!"

قال ليو بجديّة:

— "ستعرفين حين تنتهين من التجهيز، لا وقت لنضيعه، تحرّكي!"

بعد مرور بعض الوقت، كانت ليان قد انتهت من ارتداء الزي الملكي واستعدت بالكامل. خرجت من القصر متجهة نحو العربة الملكية، حيث كان الحراس يحيطون بها من كل جانب.

قبل أن تصعد، توقفت فجأة والتفتت نحو ليو، عاقدة حاجبيها بفضول:

— "الآن، هل ستخبرني أخيرًا إلى أين نحن ذاهبون؟"

ابتسم ليو بخفة وقال:

— "اركبي العربة أولًا، ثم سنتحدّث."

جلست ليان داخل العربة الملكية، تحاول استيعاب ما ستفعله. ستتقدم بطلب يد نفسها، لكن بجسد اسكاي! شعرت أن الأمر كله مزحة سيئة، لكنها لم تكن تملك خيارًا آخر.

أخذت نفسًا عميقًا ونظرت إلى ليو، الذي جلس أمامها، يبدو أكثر هدوءًا مما ينبغي.

— "إذن، سأطلب يد نفسي، والملك سيوافق بجسدي… هل تدرك مدى جنون هذا؟"

رفع ليو حاجبًا ساخرًا:

— "الحقيقة أنني أجد الأمر ممتعًا بعض الشيء."

زفرت ليان بضيق وأشاحت بوجهها إلى النافذة، تراقب الممرات الملكية التي تعبرها العربة. كان الحراس يحيطون بها من كل الجهات، كأنها في طريقها لخوض حرب، وليس لطلب الزواج.

بعد دقائق، توقفت العربة أمام بوابة القصر عائله ليان. ارتفع صوت الأبواق، وأعلن أحد الحراس بصوت رسمي:

— "وصول جلالة الملك اسكاي!"

أخذت ليان لحظة لاستجماع نفسها. لا مجال للأخطاء، الجميع يرونها كملك الآن. تنفست بعمق، رفعت رأسها، ونزلت من العربة بخطوات واثقة، كما لو كانت تسيطر على الوضع بالكامل.

لكن الحقيقة؟

لم تشعر يومًا بأنها أقل سيطرة على حياتها مما تشعر به الآن.

نزلت ليان من العربة، وعينيها تتأملان المشهد أمامها. رأت عائلة واقفة أمام القصر، يبتسمون جميعًا باعتبارها الملك الأسود، لكن أمها، التي كانت تعرف الحقيقة، كانت تبتسم من قلبها. لم يكن أحد يعلم بسرها.

وقفت ليان بشموخ، وأخذت خطوات ثابتة نحو عائلتها، محاطة بهالة من القوة، ثم ارتدت وجهًا باردًا لا يظهر أي مشاعر. كان جدها أول من قابلها، وانحنى احترامًا وقال:

— "أهلاً بجلالتك، شرفت قصري المتواضع. لكن ما سبب مجيئك إلى هنا؟ كنت قد أرسلت أحد الحراس كي نأتي إليك."

نظرت ليان إليه بثبات وقالت:

— "أهلاً بك... لقد جئت خصيصًا لأن هذا الموضوع يستدعي أن أكون هنا بنفسي."

تملك التوتر الجميع، لكن الجد، الذي كان يعرف كيف يتعامل مع مثل هذه المواقف، تحدث بسرعة قائلاً:

— "تفضل جلالتك، إلى الداخل."

دخلت ليان مع عائلتها وأغلقت خلفهم الأبواب الضخمة للقصر، حيث كان الجو مفعمًا بالترقب والسرية.

وصلوا إلى القاعة، وأشار الجد إلى الكرسي الأوسط قائلاً:

— "جلالتك، تفضل بالجلوس هنا."

لكن ليان نظرت إلى الكرسي لفترة ثم ردت بهدوء:

— "لا، هذا الموضوع لا يستدعي أن أجلس هناك، سأجلس هنا."

جلست ليان بجانب ليو، بينما جلس الجد في الوسط، والعائلة جلسوا بجانب بعضهم في الاتجاه الآخر.

بدأت ليان تبحث بعينيها عن اسكاي، لكن ما لفت انتباهها هو جيفان الذي كانت يده مكسورة. لم تجد اسكاي في أي مكان، مما أثار ملامح الاستغراب على وجهها.

لاحظ الجد نظرها، فتكلم قائلاً:

— "جلالتك، هل تبحث عن أحد؟"

ردت ليان ببرود، دون أن تبدل تعبير وجهها:

— "نعم، أنا أبحث عن تلك التي أنا بسببها هنا."

قال أودين، والدها، مبتسمًا:

— "من ابنتي ليان."

هزت ليان رأسها بالإيجاب، مؤكدة كلامه.

نظرت العائلة إلى بعضها البعض في حالة استغراب، وكان التوتر يملأ وجوههم.

لكن أوغست، أحد أفراد العائلة، قطع لحظة التوتر وقال للخادمة:

— "اذهبي وأحضري ليان هنا بسرعة."

ركضت الخادمة بسرعة لتلبية طلبه، بينما نظر أودين إلى الملك، وسأله:

— "هل فعلت ليان شيئًا خاطئًا؟"

— "أجل، لقد سرقت قلبي من النظرة الأولى."

نظر ليو إليها بسرعة، وملامح الصدمة والدهشة كانت أكثر وضوحًا في وجهه من جميع أفراد عائلة ليان. كان ليو على وشك أن يصاب بسكتة قلبية من الجملة التي خرجت من فمها.

كانت العائلة تنظر إلى بعضها البعض، وأفواههم مفتوحة من الصدمة، وكانت ملامحهم تعكس دهشتهم التامة.

نظرت ليان إليهم، مشوشة ولا تفهم ما يحدث. ثم، وبتردد، أدارت وجهها نحو ليو وهمست له:

— "ليو، ليو، ما بك؟ هل قلت شيئًا خاطئًا لهم؟"

رد ليو بغضب، وهو يهمس لها:

— "ما تلك الجملة المبتذلة الغبية؟ ما الحب وما النظرةشذذذ ذشذش الأولى؟ ما هذا الهراء؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ هل تعلمين لماذا هم في تلك الحالة؟ لأنهم يعرفون أن الملك الذي لا يعرف الرحمة لا يمكن أن يقع في الحب! لقد عاش آلاف السنين ولم يحب أبدًا، وأنتِ تقولين إنه أحبك من النظرة الأولى؟ هل أنتِ حمقاء؟"

كان الغضب في صوت ليو واضحًا، وكان على وشك الانفجار من شدة ما شعر به من المفاجأة.

قبل أن يتكلم أحد، دخل اسكاي في جسد ليان، وكان في كامل زينته. نظر ليو إلى اسكاي، الذي كان في جسد ليان، ولكنه نسى تمامًا أن هذا الشخص هو الملك الذي يتحدث عنه.

همس ليو إلى ليان، التي كانت تجلس بجانبه، قائلاً:

— "ليان، أعتقد أنني وقعت في حبك من النظرة الثانية. ما رأيك أن أتزوجك؟"

نظرت ليان إليه، معالم الفخر تملأ وجهها، ثم ردت قائلة:

— "ما رأيك؟ ألا تراني جميلة؟"

قال ليو بابتسامة:

— "أنتِ جميلة جدًا."

في هذه اللحظة، جلس اسكاي بجانب أمها، ورأسه منخفض في وضع من التواضع والاحترام.

ثم تكلمت ليان وقالت:

— "إذاً، لقد أتت ليان. إذاً لنبدأ في الموضوع."

ثم التفتت إلى الحضور وقالت:

— "سيد هارولد، سيد أودين، وسيد أوغست. أنا هنا لأطلب يد ابنتكم، ليان، لتكون قرينتي وملكتِ."

كان الجو مليئًا بالتوتر والترقب، وكان كلام ليان يُشعر الجميع بالجدية والاحترام في آنٍ واحد.

فجأة، غمرت العائلة حالة من الفرح والدهشة الشديدة. سيد هارولد كان أول من تراجع عن صمته، وهو يبتسم بدهشة وقال:

— "هل تقول الحقيقة؟ هل يطلب الملك يد ابنتنا؟ هذا شيء لم نتوقعه!"

سيد أودين كانت عيناه تلمعان بالدهشة، ثم ابتسم وهو يضع يده على صدره قائلاً:

— "لم أتوقع هذا، ولكن إذا كان هذا ما ترغب فيه، فسنرحب بذلك. هذا شرف كبير لنا."

قالت ليان بهدوء: "إذاً، هل أنتم موافقون على هذا الطلب؟"

رد هارولد بسرعة: "بطبع نحن موافقون، لكن قبل أن نرد عليك، يجب أن نأخذ رأي ليان... ليان، ما رأيك؟ هل أنتِ موافقة؟"

أجاب اسكاى بثقة: "لا يوجد رد بعدك يا جدي."

كان الجميع يبدو سعيدًا وموافقًا على هذا الاقتراح، إلا أن جيفان انفجر بغضب، غير مدرك تمامًا لمن يتحدث. قال بصوت مرتفع: "لا، أنا لست موافقًا. أنا أعترض على هذا! هذه العلاقة لن أسمح بها، لن أدع ليان تتزوجك أيها الملك الأسود!"

ثم استمر جيفان في حديثه بغضب، مشيرًا إلى الملك دون أن يدرك أنه يتحدث مع الملك الأسود ذاته. "لن أدع ابنة عمي تتزوج من شخص مثلك، أنت مجرم! ليس لديك رحمة ولا رأفة. كيف أسمح لـ ليان، الصغيرة اللطيفة المحبة للناس، أن تُدفن في هذا؟ حتى إذا وافقت ليان أو وافقت العائلة، فكلهم خائفون منك فقط! لكن ليان لا تخاف، هي فقط خائفة من رد فعل عمي. أما أنا، فلا أخاف من أحد أيها الوحش!"

في تلك اللحظة، كانت الأجواء مشحونة بالدهشة والقلق. الجميع في القاعة صمتوا فجأة بعد كلمات جيفان الغاضبة. نظروا إليه بصدمة، لا يعرفون كيف سيتصرف إسكاي في هذا الموقف.

إسكاي الذي كان في جسد ليان، بقي هادئًا، لكن عينيه كانت تحمل نارًا خفية. رفع رأسه بهدوء، ونظر إلى جيفان بنظرة مليئة بالقوة والتهديد دون أن ينطق بكلمة واحدة.

وفجأة ، أخرج ليو سيفه بسرعة ووجهه نحو جيفان ، وكان سيقطع رأسه في لحظة ، لولا أن اسكاي نظر إليه نظرة حادة وأشار له أن يضع سيفه.
قالت ليان بحزم: "ليو ، اجلس الآن".
عاد ليو وأعاد سيفه إلى مكانه ، وجلس على الفور.
قالت ليان بصوت ثابت: "جيفان ، أنا أحب ليان ، ولن أؤذيها أبداً".
ضحك جيفان بسخرية وقال: "الملك الأسود يعرف الحب؟! الملك الأسود يعرف كيف يحب؟! هذا أمر جديد! أنت شيطان لا يعرف شيئاً عن الحب".
نظرت ليان إليه بصدمة ، وكل العائلة كانت متفاجئة ، غير قادرة على تصديق ما سمعته.
نظر اسكاي إلى ليو بنظرة غضب شديدة ، وكأن نظرته تقول:
"تصرف ، قبل أن أقتله".

ارتعب ليو من نظرة الملك له، وكان أوغست على وشك التحدث، لكن ليو أسرع بالكلام وقال بصوت حازم:

"اسمع أيها الطفل الغبي الذي تتحدث عنه هو الملك الأسود، أيها الأحمق لو كان لا يعرف الحب كما تقول، لما تقدم لطلب يد ليان كان سيصدر أمرًا بزواجها فورًا دون الرجوع إليكم حبه لها هو الذي جعله يتقدم لها. وعندما تقول العائلة أو الكبار 'موافقون'، لا يحق لك التدخل، أيها الطفل. وبما أن صاحبة الشأن موافقة، فهذا يعني أنه لا دخل لك في هذا! وعندما يتكلم الكبار، يجب أن يصمت الصغار، أيها الطفل الرضيع."

قال هارولد بسرعة: "يلزمك الاعتذار الآن، جيفان! كيف تتحدث هكذا؟ اعتذر الآن!" انتهى كلامه بصراخ شديد.

نظر جيفان إلى الجميع بغضب، ثم غادر القاعة وهو يطرق بقدميه.

نظر اسكاى إلى جيفان مغتاظًا، وقال في نفسه: "أقسم لك، أيها الرضيع، لن أجعلك تعيش يومًا سعيدًا. سأخرب حياتك، سأقلبها رأسًا على عقب. ستندم على اليوم الذي ولدت فيه."

قال أوغست: "أعتذر منك، يا جلالتك، على قلة أدبه."

قالت ليان بحزم: "حسنًا، نعود إلى موضوعنا. سنحدد موعد الزواج بعد أسبوع من الآن."

قال أودين بدهشة: "بتلك السرعة؟"

أجابت ليان بثقة: "أجل، هل لديك مانع، سيد أودين؟"

أجاب أودين: "لا، جلالتك، لكن لم تتعرفوا على بعض بعد."

قالت ليان مبتسمة: "حسنًا، دعونا نتعرف الآن."

قال هارولد بحماس: "حسنًا، ليان، ما رأيك أن تأخذي جلالته لكي يرى القصر؟"

قال اسكاى مبتسمًا: "حسنًا، جدي، هيا جلالتك، لنذهب."

تحرك أسكاي بعيدًا مع ليان وليو، تاركين العائلة خلفهم. ما إن أصبحوا وحدهم حتى اندفع ليو ليحتضن أسكاي بقوة، قائلاً بحماس:

"جلالتك، اشتقت لك كثيرًا! أرجوك، أوجد حلًا لهذه المشكلة بسرعة."

لكن ليان لم تكن لتسمح بذلك، فأبعدته عن أسكاي بعنف قبل أن تضع يديها على صدره وتقول بسخرية:

"لا تحضنه أيها الوغد! أنا من يجب أن يحتضن هذا الجسد، لقد اشتقت له أكثر منك!"

ثم ارتمت في أحضان أسكاي، متظاهرة بالبكاء، وهي تهمس بمبالغة:

"كم اشتقت لك، يا عزيزي… جسدي العزيز!"

أبعدها أسكاي عنه بسرعة وهو يرمقها ببرود.

"ما هذه الدراما السخيفة؟ كفاكِ عبثًا. سنجهز للزفاف قريبًا."

ردت ليان بلا مبالاة:

"حسنًا…"

لكن فجأة، لمعت في ذهنها صورة يد جيفان، فتغيرت ملامحها وهي تسأل بقلق:

"سيد أسكاي… ماذا حدث لجيفان؟ ماذا حلّ بيده؟"

أجاب أسكاي ببرود:

"كسرتها له."

اتسعت عينا ليان بصدمة، ثم صرخت غاضبة:

"ماذا؟! لماذا فعلت ذلك؟!"

رمقها أسكاي بملل وأجاب ببرود:

"لأنه قال كلامًا مزعجًا."

"وماذا قال ليجعلك تحطم يده؟!"

تنهد أسكاي وهو ينقل نظراته نحوها:

"قال إنه لا يعلم إن كنت قد قبلتك أم لا، وأضاف أنه حتى أرخص الجاريات عنده أجمل منكِ."

ساد الصمت للحظة قبل أن تبتسم ليان بسخرية وهي تقول ببرود:

"أتعلم؟ لا أحد مزعج هنا سواك، لكنك محق، لو كنت مكانك لكنت كسرت عنقه وليس يده. كيف يجرؤ على قول شيء كهذا؟ مقزز…"

لم يهتم أسكاي بتعليقها، بل التفت نحو ليو وسأله بجدية:

"ليو، هل حصل شيء غير عادي في القصر أثناء غيابي؟"

تجمد ليو للحظة، وتذكر على الفور ذلك الموقف اللعين الذي تسببت فيه ليان مع العجوز، لكنه قرر إخفاء الأمر خوفًا من ردة فعل الملك.

أخفض رأسه وقال بثبات:

"لا، جلالتك. لكن الرسائل التي أمرت بإرسالها إلى الممالك تم إرسالها، وقد وصلتنا الردود."

"جيد، إذًا أرسل إعلانًا إلى جميع الممالك: الملك الأسود سيتزوج بعد أسبوع."

قبل أن يكمل حديثه، قاطعته ليان بسرعة:

"انتظر، لدي سؤال! لماذا كل ملابسك بشعة؟ كلها سوداء ورمادية، لا يوجد أي شيء مبهج! ولماذا غرفتك ليست فاخرة بينما الحمام يبدو وكأنه قصر؟ لدي الكثير من الأسئلة لك!"

رفع أسكاي حاجبه وهو ينظر إليها ببرود، بينما ليو كتم ضحكته بصعوبة.

تحدث الملك الأسود ببرود حاد، عينيه تعكسان نظرة متعالية وهو ينظر إلى ليان وكأنها مجرد مصدر إزعاج:

"هل أنتِ حمقاء؟ عن ماذا نتحدث؟ وما الذي تهذين به؟ لن أجيب على أي سؤال لكِ أبدًا، ولديّ سببان لذلك.

أولًا، أنا الملك الأسود. كيف تتوقعين أن أرتدي ما تريدين؟ هل تظنين أنني سأرتدي ألوانًا بشعة كالأحمر والأخضر؟ هذا لن يحدث أبدًا.

ثانيًا، لا شأن لكِ بغرفتي. ستبقين فيها دون أي تعليق، ولن أسمح لكِ بإبداء رأيك في شيء يخصني. هل هذا واضح؟

أما عن بقية الأسئلة… فلا داعي لها. سنكون متزوجين قريبًا، وعندها لا أريد سماع صوتك المزعج أبدًا."

قبضت ليان يديها، عيناها اشتعلتا بالغضب، وحدّقت فيه بجرأة قائلة:

"اسمع أيها الملك! لماذا أنت وليو متشابهان إلى هذا الحد؟ نفس الغطرسة، نفس الأسلوب المزعج! هل تعتقد أنك مميز؟!"

رفعت رأسها بتحدٍّ وأضافت بسخرية:

"ثم عن أي صوتٍ مزعج تتحدث؟ هذا ليس صوتي، بل صوتك أنت أيها الملك المغرور!"

ارتفع حاجب أسكاي قليلًا، ثم قال ببرود قاتل:

"أعلم أنه صوتي، لكني أقصد ذلك الصوت الذي أضطر لاستخدامه عندما تتفوهين بشيء غبي. حينها، أضطر للرد عليكِ، فأسمع صوتك المزعج، وأنا لا أريد ذلك."

ساد الصمت للحظات، لم يكن صمت هدوء، بل صمت صراع خفي بين عاصفتين، كلاهما يرفض أن ينكسر أمام الآخر.

انصدمت ليان من كلماته. وقفت مذهولة، لم تستطع استيعاب ما قاله للتو. كيف يمكن لشخص أن يتحدث بهذا البرود عن شيء كهذا؟

أما أسكاي، فقد تجاهل صدمتها تمامًا، ثم التفت إلى ليو وقال بصوت خالٍ من الاهتمام:

"ليو، هل فعلت تلك الفتاة أي شيء غبي؟"

رد ليو بهدوء:

"لا، جلالتك. لم تفعل شيئًا على الإطلاق، ولم تغادر الغرفة. فقط نشرت في القصر أنك مريض."

هز أسكاي رأسه ببرود، ثم قال:

"حسنًا، جيد. ليو، استعد للزفاف. أريد أن يتم كل شيء على أكمل وجه."

شعرت ليان بوخزة ألم في قدميها، فتألمت قليلًا قبل أن تقول:

"قدماي تؤلماني… لماذا لا تجلسون؟"

جلس الجميع، ثم نظرت ليان إلى أسكاي وسألته بجدية:

"جلالتك، عندما نجد حلًا لهذه المشكلة… هل سأكون بالفعل زوجتك أم لا؟"

ابتسم أسكاي بسخرية، ثم قال:

"كنتِ تتهكمين على أنني وليو نتحدث بنفس الأسلوب، لكن يبدو أنكِ ووالدتكِ تتحدثان بنفس الطريقة أيضًا."

تجمدت ليان للحظة، ثم نظرت إليه باستغراب:

"أمي؟ لماذا سألتك هذا السؤال؟!"

قال ببرود تام، وكأن كلماته ليست سوى حقيقة باردة:

"لأنها عرفت أننى لست ابنتها. أحترمها على هذا، لكنها لم تفعل المستحيل لتتأكد. حتى لو أتى طفل ، كان سيعرف أننى لست أنتِ."

اشتعل الغضب في عيني ليان، وقبل أن تتحدث، قطع صرختها صوتٌ آخر.

"ليان!!"

التفتت ليان بسرعة، لترى والدتها، لورين، تجري نحوها ودموعها تنهمر بحرقة. في لحظة، كانت بين ذراعيها، تحضنها بقوة وكأنها تخشى أن تختفي من بين يديها.

شدّت ليان ذراعيها حول والدتها، محاوِلة تهدئتها رغم ارتجاف قلبها.

لكن اللحظة لم تدم طويلًا.

أسكاي تقدم إليهما بملل، ثم فصل بينهما ببرود، قائلاً:

"سيدة لورين، أنتِ تحتضنين جسد الملك."

تراجعت لورين فورًا، معتذرة، لكن قبل أن تتحدث، قاطعتها ليان بغضب:

"سيد مفصول! لماذا فعلت ذلك؟ اشتقتُ لأمي، وأمي اشتاقت لي! لماذا تفصلنا في هذه اللحظة؟! أنت ووجهك هذا!"

رفع أسكاي حاجبه بسخرية وقال بهدوء مستفز:

"حقًا؟ هذا الوجه ليس وجهي، أيتها الجميلة."

ردّت ليان بحدة، عيناها تضيقان بغضب:

"أيها الذكي، لم أقصد وجهي، بل قصدت وجهك! هذا الوجه الكئيب! كيف يمكنك أن تعيش بلا مشاعر؟ كيف يمكنك أن تكون بهذه القسوة؟!"
توقفت ليان للحظة، ثم تابعت بسخرية، عيناها تحدقان في أسكاي وكأنها تحاول اختراق قناعه البارد:

"كيف؟ كيف لم تزرف دمعة واحدة؟ لا تقل لي: (أنا الملك الأسود، أنا لا أرحم). توقف عن هذا الهراء! أنت بشري، حتى لو كنت هجينًا، لا تزال تمتلك قلبًا!"

نظر إليها أسكاي بلا أي تغيير في ملامحه، صوته خرج بارداً كعادته:

"إذاً، ماذا تريدين الآن؟"

خفضت ليان عينيها للحظة، ثم رفعت رأسها مجددًا وقالت بصوت هادئ لكنه يحمل تحديًا دفينًا:

"لا أريد شيئًا."

نظرت لورين إلى ليان بحنان، دموعها لم تجف بعد، وقالت بصوت دافئ:

"ابنتي… لقد اشتقتُ إليكِ كثيرًا، يا عزيزتي."

قبل أن ترد ليان، قُطع المشهد بدخول أودين المفاجئ. وقف امامهم ، ينظر إليهم جميعًا بصدمة واضحة. تجمد الجميع في أماكنهم، بينما كانت نظراته تتنقل بين ليان، لورين، وأسكاي.

صوته خرج حادًا ومليئًا بالارتباك:

"عزيزتي… لماذا تتحدثين مع جلالة الملك وكأنها ليان؟ كيف تقولين إنكِ اشتقتِ إليها؟ ولماذا احتضنتِ جلالته؟!"

تقدم خطوة أخرى، عينيه تضيقان بشكٍّ:

"ماذا يحصل هنا بالضبط؟ أريد تفسيرًا فوريًا!"

نظر إلى ليان مباشرة، وكأنها المصدر الوحيد الذي يمكنه كشف هذه الفوضى، ثم قال بارتباك وغضب:

"ولماذا كنتِ تتحدثين مع سموه بذلك الأسلوب الجاف؟ سوف أجن! ما الذي يحدث؟!"

وحد الله ♥

The end

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء