روايه هبه والمنتقم - الفصل 18

هبه والمنتقم 18

2025, خضراء سعيد

اجتماعية

مجانا

معاناة هبة وسما، كل واحدة في لحظة انكسار حاسمة. هبة تواجه عنف زوجها وقسوته، وهي مربوطة وجسدها مليان جروح، لكنها تلمح لحظة تردد في عينه تفتح لها باب الهروب. في المقابل، سما تنهار أمام أخوها آدم بعدما اكتشف صورها الخاصة، فتغرق في شعور الندم والخيانة. المشهدين يكشفوا هشاشة المرأة لما تُخدع باسم الحب، وتتحوّل الثقة لسلاح ضدها.

هبه

زوجة مخلصة عاشت سنوات من العنف النفسي والجسدي مع زوجها كريم. كانت تظن أن الحب والرضا يكفيان، لكنها وُضعت في موقف مرعب كشف لها حجم الظلم اللي عاشته. شخصيتها قوية رغم الألم، وبتملك بداخِلها رغبة دفينة في التحرر، وبتظهر في لحظة التردد اللي شافتها في عيون كريم.

كريم

زوج هبة، شخص عنيف، متملك، ومهووس بالسيطرة. بيخفي ضعفه الداخلي وقلقه من الخيانة وراء قناع من القسوة والتسلط. بيرى الحب كملكية، ولما بيحس إنه فقد السيطرة، بيلجأ للعنف ليعيد إحساسه بالقوة. رغم وحشيته، ظهرت فيه لحظة ضعف واحدة، كانت كافية تخلّي هبة تفكر في الهروب.

سما

عايشة في بيت محافظ. انساقت وراء وعود الحب من شاب خادع، ودفعت ثمن ثقتها غالي. بتمر بلحظة كشف صادمة قدام أخوها، وبتحاول تشرح له إنها مش سيئة، بس ضحية حب كاذب واحتياج عاطفي. شخصيتها حساسة، بريئة، لكنها مش ضعيفة.
تم نسخ الرابط
هبه والمنتقم

اهتز صوتها وهي تكمل:بس كانت خدعة... فخ! سهى حطتني فيه وأنا مش واخدة بالي. لما عرف كريم الحقيقة... ضربني. قدامهم. من غير ما يسمعني... من غير ما يسألني حتى."
نزلت دمعة حارة على خدها، فمسحتها بإهمال وأكملت:
"اللي صدمني مش الضرب... ولا الإهانة... اللي صدمني إنه صدّقهم، وموثّقش فيا، رغم كل حاجة بينّا. كل مرة كنت بسكت فيها، كل مرة كنت بستحمل... راحت في لحظة شك.
ثم نظرت للطبيب نظرة مشوشة، كأنها تسأله ولا تسأله:أنا غلطت إني صدقت؟ إني تمنيت؟ ولا إني لسه موجوعة؟
مرت السنين، وصفا كبرت وبقت في تالتة إعدادي.
عيونها لسه فيها نفس اللمعة، لكن دلوقتي بقى فيها شوق أكبر… شوق للحلم.
كانت قاعدة جنب تيتا في الجنينة، ومعاها كتاب العلوم، وبتذاكر بصوت عالي:الجهاز الهضمي في الإنسان يتكون من..
تيتا، تضحك وتقول:هو الهضم ده مش بيخلص؟ كل يوم تقوليلهولي!
صفا تبتسم وهي تطوي الكتاب:عايزة أدخل ثانوي عام يا تيتا… وعايزة أبقى دكتورة بعدين.
تيتا تبص فيها وتقول:دكتورة؟! يا سلام… ونروح نعالج عندك بلاش بقى؟
نجاة تدخل عليهم، سامعة الكلام، وعينيها تمتلئ بالفخر:
 وأنا واثقة إنك هتبقي دكتورة، بس لازم تشتغلي على حلمك، الطريق مش سهل… في بنات كتير بيسيبوا التعليم في السن ده.
صفا تقوم بحماس، تمسك إيد أمها:أنا مش هسيبه… حتى لو الطريق طويل، حتى لو اتريقت عليّا البلد كلها… أنا هكمّل!
نجاة تبص على بنتها، وتتذكّر يوم ما كانت هي صغيرة، وكان نفسها تكمل تعليم، بس الظروف منعتها.
تمسح دمعة صغيرة وتهز راسها:ربنا يكتبلك اللي أنا ماقدرتش عليه… وإحنا وراك.
ومن اليوم ده، بدأت صفا تصحى بدري قبل الفجر، تذاكر، تساعد أمها، وتروح الدروس ماشية على رجليها ساعة كاملة، وترجع مبتسمة رغم التعب.
وفي يوم، جالهم جواب من المدرسة:الطالبة صفا حسين، الأولى على الإدارة التعليمية.
البيت كله يتهز من الفرحة، تيتا تزغرد، ونجاة تضم بنتها وتقول:عارفه يا صفا؟ إنتِ مش بس بتحققي حلمك… إنتِ بترجعيلي حلمي أنا كمان.
وتبص صفا للسماء… وتحس إن الصعيد، رغم بساطته، قادر يحضن أحلام كبيرة جداً.
عزة رجعت بيت أهلها، بس مش زي كل مرة. المرة دي ما كانتش راجعة مكسورة... كانت راجعة بتفكير جديد.
دخلت على أمها، حضنتها، وقالت بصوت هادي:كفاية، أنا تعبت… ومش هرجع غير وأنا واقفة على رجلي.
أول أسبوع قضته في سريرها، مش بتتكلم كتير، بس دماغها شغالة. كل موقف، كل كلمة، كل نظرة من حماتها، كانت بتعدّي قدامها زي فيلم طويل… بس المرة دي، كانت بتتفرج عليه وهي ماسكة ريموت حياتها في إيدها.
وفي يوم، صحيت من النوم، لبست طرحه سودة بسيطة، وخرجت. راحت مركز تدريب صغير جنب بيتهم، وسجلت في كورس خياطة وتطريز الست اللي هناك قالت لها: هتتعلمي بسرعة، باين عليكي شاطرة.
ابتسمت وقالت: أنا لازم أتعلم… مش عايزة أكون محتاجة حد، ولا أمد إيدي لحمزة ولا غيره.
بدأت تروح كل يوم، تتعلم، وتشتغل، وتكلم نفسها وهي ماسكة الإبرة: اللي بيعرف يخيط… بيعرف يرقّع قلبه كمان.
بعد شهر، عملت أول طقم أطفال صغير، نزلت بيه السوق، وباعته لتاجرة قالت لها: إيدك حلوة يا بنتي… كملي.
وفي لحظة، بدأت تحس إنها رجعت لنفسها، لو حتى بنسبة بسيطة.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء