قرية المغامرين.. ونداء النار - الفصل الثالث من أسطوره من الرماد

قرية المغامرين.. ونداء النار

2025, خالد سعود

فانتازيا

مجانا

وصل خالد إلى قرية المغامرين "ضراس" بحثًا عن ملاذ آمن ومعلومات، مسترشدًا برسالة من خادمه الراحل سيف تخبره بمخبأ للنقود. في القرية، يتعرف على بعض تصنيفات المغامرين ويقابل "عبد الرحمن رمح العاصفة" الذي يثير فضوله. يبدأ خالد رحلة البحث عن أخيه المفقود بالتوجه إلى فرع منظمة "عين الصقر" السرية، بينما في مكان بعيد، يستعد "سلطان التنين الأحمر" لمواجهة شر قديم يهدد القارة بناءً على تحذير من "إمبراطور الشمال".

خالد آل سعدون

يبدو أنه في موقف فرار أو اختفاء، ويتبع تعليمات من خادمه الراحل سيف. يبدأ رحلة البحث عن أخيه المفقود.

سيف

خادم خالد المتوفى، ترك له رسالة ومخبأً للنقود في قرية ضراس، مما يدل على تخطيطه وحرصه على خالد.

عبد الرحمن (رمح العاصفة)

مغامر ذو مستوى عالٍ ("خبير" حسب تصنيف القلادة الفضية)، يتمتع بهيبة وقوة ملحوظة، ويبدو متجهزًا لمواجهة الشر. كلماته تثير تساؤلات لدى خالد حول طبيعة المغامرة.
تم نسخ الرابط
أسطورة من الرماد

الفصل الثالث: قرية المغامرين… ونداء النار ملاحظة مهمة:: تستوحي هذه الرواية أسماء بعض المواقع الجغرافية في المملكة العربية السعودية، لكنّها تعيد تصويرها في إطار خيالي بحت لا يعكس واقعها الحالي أو التاريخي، بما يتناسب مع السياق الدرامي للعمل." بعد أن وصل خالد إلى قرية ضراس، نظر حوله بهدوء. كانت القرية تقع بين الغابة العظيمة التي تُعدّ إحدى المناطق الأربعة المحظورة، وعلى الجهة الأخرى وعلى بُعد أسبوعٍ من المسير، تقع إمبراطورية الرياض، إحدى أعظم إمبراطوريات القارة. كانت ضراس نقطة جذبٍ للكثير من المغامرين، لاقترابها من الغابة العظيمة ومرور العديد من القوافل والتجار بها. وقد اختارها خادمه سيف بعناية، ليس فقط لكونها قرية يعيش فيها المغامرون ويوجد فيها فرع من منظمة المغامرين، بل لأنه يدرك أن مملكة القصيم لا تستطيع مطاردة خالد هنا، فهذه الأرض تقع تحت حماية المنظمة المغامرون، وأي تدخلٍ من قوى خارجية قد يشعل صراعًا لا أحد يريده. خالد (يكلم نفسه): “هل هذه الورقة من سيف؟” فتحها ببطء، وكانت الكتابة بخطٍ مألوف: “هناك كوخ مهجور في زقاق خلف دار المسافر. في زاوية الكوخ طاولة خشبية، تحتها لوح أرضي. أبعد اللوح، وستجد صندوقًا صغيرًا… فيه نقود. كنت متوقع أن مغامرة ما قد تجبرك على الاختفاء يومًا ما، واخترت ضراس لتكون ملاذك.” طوى خالد الورقة بصمت، وسار بخطوات هادئة نحو دار المسافر. لم يتوقف، بل انعطف مباشرة إلى الزقاق الضيق خلفها. توقف أمام كوخٍ متهالك، نظر إليه لثوانٍ ثم همس: خالد: “هذا هو الكوخ…” مدّ يده إلى المقبض الصدئ، فصدر عن الباب صرير طويل مزّق سكون الزقاق. دخل الكوخ، فاستقبلته رائحة الغبار والعفن، فتسارعت أنفاسه وكتم أنفاسه للحظة، ثم سعل قليلًا وهو يلوّح بيده في الهواء: “كح… كح… منذ أشهر فقط… ومع ذلك يبدو كأنه منذ سنوات.’"* خطا على الألواح الخشبية بصوتٍ خافتٍ متردد، وكل خطوة تُصدر طقطقة خفيفة تكسر الصمت المهيب. عيونه مسحت المكان حتى استقرت على الطاولة. اقترب، ومد يده ليسحبها جانبًا. أصدرت الطاولة صوت احتكاك مزعج وهي تنزلق. تحتها، كان هناك لوح خشبي مميز. ركع، ورفعه بحذر… ليكشف عن صندوق صغير. فتحه ببطء، فظهر كيس من النقود الذهبية، أمسكه، ووقف بثبات. سكت لحظة، ثم قال بصوتٍ غاضبٍ هادئ، ودمعة خفية تهبط من عينه: خالد: “سيف… ستأكد أنني سأجعلهم يدفعون الثمن. شدّ الكيس في حزامه، ثم سار نحو دار المسافر، المكان الوحيد في القرية كانت خطواته بطيئة وهادئة، وعقله غارقًا في التفكير. فتح الباب، فاستقبله صخب الأحاديث، وارتفاع الأصوات، وضحكات متناثرة هنا وهناك. لكنه لم يُعرها اهتمامًا. توجه مباشرة نحو صاحب الدار، وقال: – “أعطني كأسًا من الماء.” ابتسم صاحب دار وقال: – “حسنًا، لكن… لا أظن أنني رأيتك من قبل، هل أنت مغامر؟” أجاب خالد بهدوء: – “لست كذلك. ولماذا تسأل؟” – “لأن معظم من يمر بهذه دار هم مغامرون. يعتبرونها محطة للراحة قبل دخول الغابة أو السفر نحو الجنوب—” قاطعه خالد بنبرة باردة: – “كفى حديثًا. لست في مزاج يسمح لي بالكلام. فقط أعطني الماء.” وقبل أن يُكمل دار صخبها، دخل رجل غريب. ساد الصمت فجأة، وكأن دار تجمّدت. ملامحه هادئة، عيناه حمراوان كأنهما اعتادتا رؤية الدم، يحمل رمحا على ظهره، لكنه كان يُشع رهبة. همس أحد الجالسين: – “هل تعرف من هذا؟” رد آخر: – “نعم… إنه عبد الرحمن، المغامر رمح العاصفة. يُقال إنه خصم لا يُستهان به… ويحمل قلادة فضية.” رفع أحد الجالسين في الزاوية رأسه وقال بصوت منخفض: – “القلادة الفضية؟ يعني خبير على الأقل.” ثم تابع وكأنه يُلقي درسًا لحضور غير مرئي: – “تنقسم قلادات منظمة المغامرين حسب مستوى القوة: –المتدرب (عادي، متوسط، ذروة):قلادة حديدية. -المقاتل (عادي، متوسط، ذروة):قلادة برونزية. -الخبير (عادي، متوسط، ذروة):قلادة فضية. -السيد (عادي، متوسط):قلادة ذهبية. سيد الذروة: قلادة بلاتينية – “ثم هناك مستوى التنوير… قلادته بلاتينية منقوش عليها كلمة (أسطوري)، ويحملها عدد قليل من المغامرين القدماء. سكت للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بنبرة منخفضة: – “أما الغير مقيد… فيُقال إن قلادته تحمل رمز سيفين ونخلة!!!. ويُشاع أنها صُنعت من معادن نيزكٍ سقط في القارة قبل خمسة قرون… معادن نادرة لا مثيل لها. ويُقال إن من يحمل هذه القلادة الآن… هو القائد الأعلى لمنظمة المغامرين فقط. استمع خالد بصمت، يحاول أن يستوعب هذا العالم الجديد الذي دخل إليه لتوّه… جلس عبد الرحمن بصمت في الزاوية، وقال لصاحب دار: – “أعطني كأسًا من القهوة.” رد صاحب دار: – “حسنًا.” سأل خالد بصوت منخفض: – “هل هو ممتع… أن تكون مغامرًا؟” أجابه عبد الرحمن دون أن يلتفت: – “لا متعة في هذا العالم… إلا إذا استطاع سيفي أن يُبيد كل ما هو شر فيه.” ثم وقف وقال وهو يبتعد: – “جرّب أن تصبح مغامرًا… وستفهم.” بقيت كلمات عبد الرحمن تتردد في ذهن خالد… مغامر؟ في صباح اليوم التالي، وبعد أن استأجر غرفة صغيرة، نزل خالد إلى أسفل الدار وسأل صاحبها: – “هل يوجد فرع لمنظمة عين الصقر في ضراس؟” تلفّت صاحب دار يمينًا ويسارًا، ثم اقترب وهمس: – “منظمة عين الصقر؟ أنت لا تعبث، أليس كذلك؟” أومأ خالد برأسه. قال صاحب دار: – “تلك المنظمة ليست كأي جماعة. إنها شبكة استخباراتية واسعة تمتد في جميع أنحاء القارة. لديهم عيون في كل مكان… في قصور الملوك، غرف القادة، وحتى وسط الجيوش. يعرفون ما لا يعرفه أحد.” سكت لحظة ثم قال: – “لكن… في هذا العالم، لا شيء مجاني.” لم يعلّق خالد، بل أخرج بعض النقود من جيبه ووضعها على الطاولة أمامه بهدوء، ثم رفع عينيه نحو صاحب الدار. عندها، قال صاحب الدار بنبرة أقلّ جفاءً: – “إذا خرجت من الدار، امشِ للأمام، ثم خذ أول منعطف يمين. ستجد بيتًا متهالكًا. قل عند بابه: صقر نسر صقر. سيفتح لك أحدهم الباب. اتبع خالد التعليمات، حتى وصل إلى البيت المقصود. وقف أمام الباب وقال: – “صقر نسر صقر.” فُتح الباب على يد رجل مغطى وجهه بقطعة قماش بيضاء، وقال بهدوء: – “ادخل.”

ما إن خطا خالد إلى الداخل حتى شعر بأن الفضاء من حوله يتحرّك… الهواء تغيّر، والضوء تلاشى للحظة، وكأن العالم نفسه التوى. في ومضة، وجد نفسه في مكان مختلف… كانت مصفوفة وهمية قد نُشّطت دون أن يشعر، ونقلته إلى ممرٍ طويلٍ يمتد أمامه بهدوء مخيف. في نهاية الممر بابٌ خشبيّ قديم، وعلى جانبيه، صفّان من الصقور والنسور الحقيقية تقف فوق أعمدة حجرية، تراقبه بصمت وكأنها حراس هذا المكان. لم يُسمع في الممر سوى وقع خطواته البطيئة، وكلما اقترب من الباب، ازداد شعوره بأنه يقترب من شيء غير عادي… حتى وصل إلى غرفة صغيرة يجلس فيها رجل هادئ، يكتب شيئًا على ورقة. كان مدير فرع ضراس لمنظمة عين الصقر. قال الرجل دون أن يرفع رأسه: – “ادفع، ثم قل ما تريد.” قدّم له خالد مبلغًا من الذهب وقال: – “أبحث عن أخي محمد، عمره ستة عشر عامًا. اختفى في مملكة القصيم. تجنب خالد ذكر اسمه الكامل أو هويته الحقيقية. رفع الرجل نظره للحظة، ثم قال بهدوء: – “تعال بعد شهر. ولا تُضيع وقتك بالذهاب إلى فروع أخرى… نفس الجواب ستسمعه منهم.” رد خالد: – “حسنًا. في نفس الوقت: في الجهة الأخرى من القارة، بعيدًا عن قرية ضراس… تغوص الشمس في الأفق خلف كثبان رملية لا نهاية لها. تلك الأرض لا تعرف الرحمة، ولا تعترف بالحياة. إنه الربع الخالي، أحد المناطق الأربعة المحظورة، وأشدّها خطرًا. أرضٌ خالية من البشر، تعجّ بمخلوقات لا تُذكر إلا في الأساطير، وتُقال عنها القصص لتحذير المغامرين الطائشين. الرمال فيها تبتلع كل من تطأ قدمه أرضها، في عمق تلك الصحراء، عند سفح جبلٍ عظيم يُعرف باسم سروات النار، كان هناك رجل يسير وحده. خطواته ثابتة، نظرته هادئة، وملامحه باردة كالثّلج. هيبته تكفي لتجميد الهواء من حوله، وسيف عريض معلّق على ظهره. تحيط به طاقة كثيفة، حتى إن حرارة المكان كانت تتبخّر من وجوده. وقف أمام الجبل، ثم رفع رأسه نحو القمة. “كان هناك، على قمة الجبل، رجلٌ بهيئة بشر… لكن الهالة النارية التي تحيط به، والعينان المشتعلتان، تخبران كل من يراه أنه ليس إنسانًا. إنه سلطان،التنين الأحمر ، أحد أقدم الكائنات على وجه القارة، قفز سلطان من قمة الجبل، ليهبط أمام الرجل القادم بصمت، كأن الأرض احتوته دون صوت. قال سلطان بنبرة احترام: – “لماذا يأتي شخصٌ بمكانتك إلى هذا المكان، يا إمبراطور الشمال… سعود بن تركي؟” رد تركي بصوت هادئ، وعيناه تُحدّقان في الأفق: – “جئت لأخبرك أن هناك تحرّكًا لأحد ملوك الشر. تعلم جيدًا ما حدث قبل ثلاثة قرون… ولا نريد أن يتكرر.” ساد الصمت لحظة، ثم ابتسم سلطان، وحرارة جسده بدأت بالتصاعد: – “إذًا… يبدو أن وقت السكون قد انتهى. سأذهب بنفسي لألقي نظرة.” نهاية الفصل

تعليقات

authorX